ثلاثة دروس من حرب لبنان
تاريخ المقال
المصدر
The Jerusalem Post
صحيفة يومية تصدر باللغة الإنكليزية، تأسست في سنة 1933، وكان اسمها في البداية "فلسطين بوست" إلى أن غيّرته في سنة 1950 إلى جيروزالم بوست. تصدر عنها نسخة باللغة الفرنسية. حتى الثمانينيات من القرن الماضي، انتهجت خطاً يسارياً، وكانت قريبة من حزب العمل الإسرائيلي، لكنها غيّرت توجُّهها وأصبحت قريبة من اليمين، ومن الوسط في إسرائيل.
- قبل خمسة أعوام شن حزب الله حرباً على إسرائيل دامت 34 يوماً، قصف خلالها إسرائيل بأكثر من 4000 صاروخ. واليوم، وبعد مرور خمسة أعوام، وفي ظل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، تنتهج أميركا سياسة من شأنها أن تؤدي إلى نشوب حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران في لبنان.
- لقد انتهت حرب 2006 وحزب الله كان لا يزال قادراً على إطلاق النار بعد أن فشلت إسرائيل في الانتصار عليه. هكذا، استطاع حزب الله الانتصار في هذه الحرب، وهو اليوم لا يسيطر على الجنوب اللبناني فقط، بل على لبنان بأسره.
- في إمكاننا أن نستخلص ثلاثة دروس من حرب لبنان، وهي:
- أولاً، أنك لا تستطيع أن تقنع المنظمات الإرهابية بالاستسلام ببساطة، فعندما انسحبت إسرائيل من الجنوب اللبناني سنة 2000، بدا أن هذا الانسحاب هو مقدمة للانسحاب من قطاع غزة سنة 2005، لكن في سنة 2006 تعرضت إسرائيل لهجوم من هاتين الجبهتين تحديداً. لقد حاولت القيادة السياسية أن تقول لجمهورها من خلال هذين الانسحابين أن السبب الوحيد لمهاجمة قواتنا هو وجود هذه القوات هناك، فإذا انسحبنا سيتوقفون عن اصطيادنا ونكون في أمان. إذاً، فالمشكلة عندنا لا عندهم. إلاّ إن حرب 2006 أظهرت مدى خطأ هذه التوجهات، وفي أول مناسبة انتخب الجمهور الإسرائيلي الليكود وأحزاب اليمين الأخرى التي تعارض هذه المواقف.
- ثانياً، عندما تخوض الأمة حرباً ضد عدو يسعى لتدميرها فإن عليها أن تقاتل حتى تحقيق النصر، فلا يمكن خوض أنصاف حروب، وإذا لم يتحقق النصر فهذا معناه الهزيمة. لقد كان هناك سبيل واحد للتغلب على حزب الله وهو إعادة السيطرة الإسرائيلية على الجنوب اللبناني، لكن إيهود أولمرت وتسيبي ليفني لم يكونا في هذا الوارد.
- أمّا السبب الذي دفع أولمرت وليفني إلى رفض هذا الاحتمال يكمن في الدرس الثالث المستخلص من هذه الحرب وهو أن الالتزام بسياسة التهدئة يجعل المسؤول السياسي عاجزاً عن التفكير بطريقة عقلانية. ففي سنة 2006 انتُخبت حكومة أولمرت بسبب خطتها الرامية إلى تطبيق الانسحاب من لبنان وغزة على يهودا والسامرة. وخلال حرب لبنان الثانية أخبر أولمرت مؤيديه أن النصر في لبنان سيجعله قادراً على تطبيق خطته للانسحاب من يهودا والسامرة، وهذا أمر صحيح، لكن سياسة التهدئة التي انتهجها أولمرت لم تسمح بالقتال حتى تحقيق النصر.
- لو نجحت إسرائيل في استعادة السيطرة من جديد على الجنوب اللبناني، لكان في إمكان أولمرت إقناع الناس بأن الانسحاب من جانب واحد هو استراتيجيا ناجحة. وتماماً مثلما نجح الجيش الإسرائيلي في استعادة السيطرة على الجنوب اللبناني، يستطيع أن يستعيدها على يهودا والسامرة في حال استغل الفلسطينيون هذا الانسحاب من أجل مهاجمة إسرائيل.
- لقد قبل كل من أولمرت وليفني بوقف إطلاق النار لأنهما رأيا فيه حلاً دبلوماسياً لمشكلة عسكرية. وبما أن حزب الله لم يخسر الحرب فمعنى ذلك عسكرياً أنه انتصر فيها، ويمكن أن نضيف إلى ذلك الانتصار انتصاراً آخر لحزب الله تحقق في مجلس الأمن مع صدور القرار 1701 الذي حدد شروط وقف إطلاق النار. فقد وضع هذا القرار حزب الله على قدم المساواة مع إسرائيل، وعامله بصفته دولة ذات سيادة، وشجعت الترتيبات الأمنية التي جرى التوصل إليها حزب الله على إعادة تسلحه. كما كان ضرباً من الجنون التصديق بأن القوة العسكرية الأوروبية [المشاركة في قوات اليونيفيل] ستمنع حزب الله من فرض سيطرته الكاملة على طول الحدود في مواجهة إسرائيل.
لقد استوعب الجمهور الإسرائيلي هذه الدروس الثلاثة وانتخب حكومة تفهمه. ولو انتخب الأميركيون جون ماكين سنة 2008 بدلاً من باراك أوباما لكانت الحكومة الأميركية استوعبت هذه الدروس أيضاً، ولكان في إمكان إسرائيل والولايات المتحدة ترميم الأضرار التي لحقت بهما جراء هذه الحرب.