الأسباب التي دفعت بأوباما إلى قبول تسوية مع الروس والإحجام عن الضربة العسكرية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

 

  • يبدو اليوم أنه يجري من وراء الكواليس التوصل إلى اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة، أو بالأحرى بين بوتين وأوباما، يقضي بفرض رقابة دولية على مخازن السلاح الكيميائي في سورية، ويمنع أو يقلص طلعات السلاح الجوي السوري فوق المدن السورية، ويمنع استخدام الصواريخ ضد معارضي النظام. والأهم من هذا كله يحدد موعداً لانتخابات حرة من دون أن يكون الأسد مرشحاً فيها. والغرض من هذا كله هو إعطاء الأسد فرصة للنجاة من الضربة العسكرية الأميركية التي برغم لهجة أوباما الحاسمة بشأنها، إلا أنه لا يرغب في القيام بها.
  • هناك عدة أسباب تدفع الرئيس الأميركي إلى الإحجام عن الهجوم. السبب الأول هو الأهداف العسكرية القليلة التي يمكن مهاجمتها في سورية، فمنذ بدء الحديث عن مهاجمة سورية قام الجيش السوري "بتنظيف" كل المعسكرات وأخرج قواته وسلاحه وذخيرته منها.
  • السبب الثاني يعود إلى أن الجيش السوري وزع مخازن السلاح الكيميائي داخل المدن الواقعة تحت سيطرته، وبهذه الطريقة حوّل عشرات الآلاف من المدنيين إلى دروع بشرية، بحيث إن من يهاجم هذه المخازن سيتسبب بمقتل عدد كبير من السكان المدنيين. أما السبب الثالث فهو قيام جيش الأسد بنقل مئات المعتقلين السياسيين إلى المناطق المستهدفة مما يجعلهم دروعاً بشرية أيضاً، فمن يقصف قصر الرئاسة سيقتلهم أيضاً.
  • ومما لا شك فيه أن زيادة القوة البحرية الروسية في البحر المتوسط لا يشجع أوباما على مهاجمة سورية لأنه لا يريد الاحتكاك بروسيا على خلفية ما يجري في المنطقة. وهناك أيضاً التخوف من أن يؤدي الهجوم الأميركي ضد سورية إلى وقوع "أحداث استثنائية" في الخليج الفارسي مثل تفجيرات غامضة في منشأة نفط، وغرق "عرضي" لناقلة نفط في مرفأ نفط سعودي، أو حدوث حرائق غامضة في بئر غاز قطري، يعرف الجميع أن إيران هي التي تقف وراءها. حينئذ ما الذي سيجري لأسعار الوقود التي يدفع ثمنها الأميركيون للذهاب إلى أعمالهم؟
  • في تقديري أن تركيا والأردن، الحليفتين التقليديتين للولايات المتحدة، تتخوفان من تدهور جديد في سورية جراء الضربة الأميركية، لأن ذلك سيضطرهما إلى مواجهة زيادة كبيرة في تدفق اللاجئين إلى أراضيهما وربما مواجهة صواريخ انتقامية من جانب الأسد.
  • ونظراً لأن الأميركي العادي الذي ينتخب أعضاء الكونغرس لا يهمه فعلاً أن يقتل عربي عرباً، يمكننا الافتراض بأن عضو الكونغرس العادي لن يصوت على العملية العسكرية ضد سورية انطلاقاً من حرصه الأخلاقي على حياة السوريين، بل انطلاقاً من حرصه على أن ينتخب لمرة أخرى في الانتخابات المقبلة.
  • في ظل هذا الوضع، ليس غريباً أن يبحث أوباما عن سلم للنزول عن شجرة الخطوط الحمر التي صعد إليها، خاصة إذا كان في إمكانه الوقوف في ما بعد أمام الكاميرات ليقول: "نجحنا في إخضاع الأسد من دون أن نطلق طلقة واحدة".
  • ومن المنتظر أن يرد الأسد: "نجحنا في ردع أميركا". وسيواصل الإيرانيون الضحك على الأميركيين في طريقهم إلى امتلاك القنبلة النووية. أما الأوروبيون فسيواصلون بيعهم لسورية وإيران مواد خاماً لصنع أسلحة الدمار الشامل، وسيضحك الروس على الولايات المتحدة التي أثبتت مرة أخرى أنها نمر من ورق.
  • ومن جهة أخرى، ستصرّ على أسنانها غضباً كل من إسرائيل والسعودية وقطر والأردن لأن واشنطن خيبت مرة أخرى أمل حلفائها. وسيكون على أصدقاء الولايات المتحدة أن يستخلصوا مما حدث إلى أي مدى يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة في القضايا المصيرية مثل التخلي عن مكاسب استراتيجية مقابل ضمانات وتعهدات أميركية.