في انتظار الجولة المقبلة من العنف مع قطاع غزة
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

·       على الرغم من عودة الحياة الطبيعية إلى جنوب إسرائيل، فإن الجميع يتحدث داخل الجيش والحكومة عن أن "الجولة المقبلة" ستكون أقوى بكثير. وفي رأيي أن هذا الكلام يشكل إخفاقاً استراتيجياً كبيراً بالنسبة إلى دولة إسرائيل.

·        فعلى سبيل المقارنة، لا وجود لمصطلح "جولة" على الحدود الشمالية مع لبنان منذ حرب لبنان الثانية، ولا يعيش سكان شمال إسرائيل في ظل الخوف اليومي من حدوث جولة جديدة من العنف، لأن حرب لبنان الثانية، وعلى الرغم من الإخفاقات الكثيرة في أداء الجيش الإسرائيلي، قد أدت إلى إنجاز استراتيجي هو فرض الهدوء على الحدود، واستمرار الردع الإسرائيلي الذي يجبر السيد حسن  نصر الله على البقاء مختبئاً.

·       مما لا شك فيه أن حزب الله ازداد قوة وبات أكثر تسلحاً، بيد أن الضربة التي ألحقها سلاح الجو الإسرائيلي بالحزب كانت قوية إلى حد أنها ردعته عن التفكير في "جولات جديدة" مثل تلك التي كانت قائمة قبل حرب لبنان الثانية، التي ستحل ذكراها السادسة قريباً.

·       لم تنجح عملية "الرصاص المسبوك"، التي جرت قبل ثلاثة أعوام، في تحقيق أي انجاز استراتيجي، فهي فشلت حتى في إغلاق الحدود بين مصر وقطاع غزة في وجه تهريب السلاح. ومن المعلوم أن وزيرة خارجيتنا آنذاك تسيبي ليفني توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية بشأن محاربة تهريب السلاح، لكن سرعان ما اتضح أن هذا الاتفاق هو مجرد كلام فارغ. من هنا فإن الإنجازات التي حققتها العملية ضد غزة كانت تكتيكية فقط، مثل التسبب بمقتل المئات من أنصار "حماس"، والعدد القليل من الإصابات في صفوف الجيش الإسرائيلي، ويمكن القول إن الإنجاز الاستراتيجي الوحيد للعملية هو "تقريرغولدستون" الشهير، الذي ألحق بنا ضرراً كبيراً. وهكذا جرى تضييع العملية لأننا لم نحاول تحقيق أي إنجاز استراتيجي، إذ تقرر وقف سير العملية العسكرية وهي في منتصف الطريق. صحيح أن أولمرت كان لا يزال يومها رئيس الحكومة، لكن القيادة الأمنية تغيرت مع مجيء إيهود باراك وزيراً للدفاع وأشكنازي رئيساً لأركان الجيش، ومع ذلك فإن النتيجة كانت العودة إلى مفهوم الجولات العنيفة.

·       يبدو واضحاً اليوم أن سياسة نتنياهو –  باراك تقبل بهذا المفهوم، والتبرير الذي قُدّم لذلك هو عدم السماح باستدراج إسرائيل لتحويل الاهتمام عن التركيز على الخطر الأكبر، أي العدو الإيراني. كذلك هناك الكلام على ضرورة أخذ مصر في الاعتبار، وضرورة أن نكون صبورين، وأن ندرك أن لا وجود لمنتصر في الحرب على الإرهاب.

·       باختصار، يحاول القادة الإسرائيليون أن يمارسوا سياسة براغماتية، حتى لو كان الثمن تعطيل حياة مليون مواطن من سكان جنوب إسرائيل. لكن الأساس الذي يستندون إليه هو في الحقيقة سياسي لا أمني، لأن من الصعب أن تقبل حكومة نتنياهو –  باراك بمصطلح "الجولات" لو كانت تل أبيب هي المستهدفة.