· كانت مصر حتى سقوط حسني مبارك تقوم بدور كبير في سياق المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، وكان مبارك نفسه راغباً في التوصل إلى اتفاق بين الجانبين لأن ذلك من شأنه أن يضع حداً نهائياً للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، وأن يعزز الاستقرار في الشرق الأوسط، فضلاً عن أن اتفاقاً كهذا كان سيخفف حملة الانتقادات الداخلية لسلطته جراء علاقاتها بإسرائيل.
· ولا بُد من القول إن مبارك لم يجعل العلاقات الإسرائيلية - المصرية رهن التقدم نحو اتفاق إسرائيلي - فلسطيني، وفي أكثر من لقاء معه شاركت فيه سمعته يؤكد أن اتفاقاً كهذا سيدفع السلام الإسرائيلي - المصري قدماً، لكنني لم أسمعه مطلقاً يلمح إلى أن الطريق المسدودة بين إسرائيل والفلسطينيين قد تؤدي إلى إلغاء اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل.
· لا يمكن حالياً معرفة طبيعة السلطة المقبلة في مصر. ومع أن الإدارة الأميركية الحالية تطالب بإجراء انتخابات حرّة في أقرب فرصة ممكنة إلا إنها تتمنى في قرارة نفسها أن يظل الجيش المصري مسيطراً إلى الأبد على السلطة هناك نظراً إلى كونه الجهة الوحيدة التي يمكنها أن تواصل "طريق مبارك". غير أن هذا لن يحدث طبعاً، وأغلبية التوقعات لدينا تؤكد أن حركة الإخوان المسلمين مع أنها لن تتولى مقاليد السلطة المقبلة في مصر، فإنها ستكون جزءاً مهماً منها.
· في ضوء ذلك، من المتوقع أن يكون اتفاق السلام مع إسرائيل موضع خلافات حادة بين هذه السلطة وبين حركة الإخوان المسلمين، كما أنه من المتوقع أن يطرح الإخوان مطلب إلغاء هذا الاتفاق في ظل الجمود المسيطر على عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ومع أن هناك أسباباً وجيهة لدى مصر تفرض عدم إقدامها على إلغاء هذا الاتفاق، لكن التخوف هو من "حل وسط" يتحقق في هذا الموضوع، ويجري التعبير عنه في دور مصري أكثر تشدداً على المسار الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وذلك من خلال الاشتراط المباشر أو الضمني، بأن استمرار السلام في صيغته الحالية، منوط بتقدم المسيرة السياسية الإسرائيلية ـ الفلسطينية. وفي حال حدوث ذلك، فإن إسرائيل ستواجه وضعاً صعباً. لذا، من الأفضل للحكومة الإسرائيلية أن تسارع إلى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس الاقتراحات والمبادئ المعروفة سابقاً، وذلك قبل أن تتبلور السلطة المقبلة في مصر بصورة نهائية. إن سلطة مبارك لم تعد موجودة، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تدرك أن الوقت لا يعمل لمصلحتنا بعد سقوط هذه السلطة.