· يجب علينا ألا نعتقد أن انهيار أجزاء من العالم العربي، والنضال من أجل الديمقراطية، وتبدل الأجيال، سيجعل العرب ينسون جوهر النزاع معنا. إن إسرائيل ما زالت تتنكر لمصلحتها الوطنية، ومازالت تعتقد ان الأسلوب التكتيكي المتمثل في إطلاق الشعارات، وتصوير الطرف الآخر بأنه يرفض الحوار، سيسمح لها بتجاوز وقوف الرأي العام الدولي ضدها.
· ما تزال المستوطنات هي المشكلة، وحتى الفيتو الأميركي الأخير في مجلس الأمن مطالبة الفلسطينيين درس موضوع الاستيطان لا يبعث على الارتياح. فلقد كان عبارة عن فيتو تقني هدفه منع الفلسطينيين من جعل الأمم المتحدة بديلاً عن المفاوضات المباشرة. لكن هذا الفيتو تضمن انتقادات عميقة وقاسية لإسرائيل لم تشمل فقط موضوع تجميد المستوطنات، وإنما تناولت أيضاً جوهر وجودها.
· هذه المرة الغرب كله ضدنا، ففي العالم الغربي نشأت جبهة قوية لا تعتبر تجميد البناء في المستوطنات تنازلاً إسرائيلياً، وإنما واجب يفرضه القانون الدولي.
· إن المشكلة تكمن في الحكومات الإسرائيلية التي لم تمتلك الجرأة كي تقول لشعبها حقيقة الوضع. وهذا لم يبدأ مع حكومة نتنياهو وإنما برز أيضاً مع الحكومات السابقة. ومن المهم أن نتوقف عن التذرع بـ"تنازلات" باراك، و"تنازلات" أولمرت في المفاوضات مع الفلسطينيين، كدليل على عدم وجود شريك في السلام. علينا أن نفهم ان مصلحتنا العليا تفرض التوصل إلى تسوية، فلا مجال لاستمرار وجود دولة إسرائيل في المدى البعيد من دون هذه التسوية.
· لقد كانت السياسة الحكيمة تقضي بإجراء مفاوضات مع الدول العربية المعنية بالاستناد إلى المبادرة السعودية [المباردة العربية التي طُرحت في بيروت سنة 2002]. ولكن الظروف في هذه الأثناء تغيرت، ولم نعد نعرف ماذا سيكون مصير الدول العربية القريبة منا. لكن يجب ألا يفرض علينا هذا الوضع موقفاً سلبياً، وإنما على العكس، علينا القيام بمبادرة تدفع التسوية إلى الأمام وتواجه الأجواء السائدة في إسرائيل والمنقطعة عن الواقع. يتعين علينا أن نغير التوازنات الوطنية التي تهددنا لأنها تشكل خطراً استراتيجياً. وكما قال دافيد بن ـ غوريون: "إن قوتنا تستند إلى قاعدتين: قوة الجيش الإسرائيلي على الردع، ومكانتنا الدولية". وهذه المكانة تفرض على إسرائيل طرح مبادرة حقيقية، كما أن تجميد المستوطنات بات في الحقيقة موقفاً تفرضه الوقائع.
· من الصحيح أن اليمين يسيطر على إسرائيل حالياً وأنه يملك الأغلبية البرلمانية. ولكن عندما اتفق دافيد بن ـ غوريون مع ألمانيا على التعويضات، أو عندما وافق على الانسحاب من سيناء بعد أن احتلها الجيش الإسرائيلي في عملية قادش [العدوان الثلاثي على سيناء سنة 1956]، اضطر إلى خوض مواجهة قاسية مع المعارضين له.
· إننا بحاجة إلى زعامة حقيقية قادرة على محاربة القومية المتطرفة التي تغتال جوهر وجود إسرائيل كدولة يهودية.