من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· إن الخطاب السياسي والتحضيرات العملية للانتخابات التي قد يجري تقديم موعدها، مرتبطان بعلاقة عبثية اجتماعية – سياسية عميقة ومقلقة، تتضح عبثيتها في الفجوة بين ما يفكر فيه معظم الإسرائيليين بشأن أداء الحكومة الحالية في مجالات مختلفة وبين المواقف التي يصرحون بها بشأن لمن سيصوتون لو جرت الانتخابات الآن.
· فقد أظهر استطلاع "مؤشر السلام لشهر كانون الثاني/يناير" الذي قام به أفرايم ياعر وتمار هرمان، أن الموضوع الذي يحتل المرتبة الأولى في قائمة الموضوعات التي تهم الجمهور اليهودي هو مطالبة الحكومة بتقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، في حين يأتي موضوع تحسين الوضع الأمني في مرتبة متأخرة جداً.
· كما أظهر الاستطلاع أن أغلبية الجمهور الإسرائيلي تعتقد أن حكومة نتنياهو لن تنفذ معظم التوصيات التي قدمتها لجنة تراختنبرغ، وأنها تؤيد عودة التحرك الاجتماعي، وترى أن حكومة نتنياهو تضر أكثر مما تنفع، وثمة أقلية صغيرة تعتقد أن هذه الحكومة لا تفعل شيئاً في مجال محاربة الفساد.
· لكن على الرغم من عدم الثقة الواضحة بالحكومة التي يبديها الجمهور اليهودي في كل ما يتعلق بالموضوعات الاجتماعية والاقتصادية، تبين استطلاعات الرأي أنه في حال حدوث انتخابات الآن فإن الليكود سيفوز بـ 30 مقعداً في الكنيست، وسيفوز حزب العمل بـ 16 مقعداً، وستأتي بعدهما الأحزاب "الفردية" مثل حزبي يئير لبيد وأفيغدور ليبرمان. ومعنى هذا أن أغلبية الناخبين الإسرائيليين ستقترع لمصلحة الليكود على الرغم من اعتقادها أن الحكومة التي يترأسها الليكود اليوم تتسبب بأضرار اجتماعية واقتصادية. ويمكن أن نضيف إلى ذلك أن هذه الحكومة تعارض السلام مع الفلسطينيين وهي تضاعف بذلك احتمالات نشوب مواجهة معهم، ويضخم المسؤولين فيها الخطر الذي تشكله إيران على وجود إسرائيل، بينما هي ما زالت مترددة فيما إذا كان عليها قصف المفاعلات النووية في إيران أم لا، وفي الوقت نفسه تقوم بزيادة الميزانية الأمنية أكثر فأكثر على حساب الميزانيات الأخرى التي من شأنها المساهمة في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
· ثمة أسباب عديدة يمكن من خلالها تفسير هذا التناقض وهي: أولاً، المسارات "الفردانية" (التي تضع مصالح الفرد فوق كل اعتبار) و"العصبية القبلية" (الدينية والحريدية بصورة خاصة) التي يمر بها المجتمع الإسرائيلي، إذ على الرغم من الانتشار الواسع لحركة الاحتجاج الاجتماعي في الصيف الماضي، واحتمال تجددها حالياً، فإن أغلبية الإسرائيليين لا تنتبه إلى حقيقة أساسية هي أن حكومات الليكود (وحتى الحكومات المشتركة بين الليكود والعمل) منذ أيام مناحيم بيغن وحتى اليوم، هي التي أوجدت هذه الفوارق الاقتصادية الكبيرة وهذا الوضع الاجتماعي – الاقتصادي الصعب في إسرائيل.
· ثانياً، تدهور وضع أحزاب اليسار وأحزاب يسار- الوسط، إذ لم تعد هذه الأحزاب تملك رؤية وبرامج عمل يعكسان بصورة واضحة الفارق بينها وبين أحزاب اليمين وأحزاب يمين- الوسط.
· ثالثاً، ثمة اعتقاد أن حكومة جديدة برئاسة نتنياهو سوف تعمل بصورة جيدة في المجال الأمني.
· رابعاً، الإيمان الخطأ بزعامة نتنياهو. والواقع أن مستوى الزعامات الإسرائيلية الحالية بمن فيهم نتنياهو هو أقل بكثير من مستوى زعامة دافيد بن – غوريون الذي وضع أسس المجتمع الإسرائيلي.
إن على الإسرائيليين الاعتراف بهذا التناقض، والتخلص منه، ومطالبة زعماء الأحزاب بتوضيح دقيق لمواقفهم من الموضوعات الجوهرية وفي طليعتها الوضعين الاقتصادي – الاجتماعي والأمني.