مستقبل معاهدة السلام مع مصر
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       هناك جملة واحدة بسيطة يمكن أن تشكل أساساً لأي تحليل للسياسة المصرية المنتظرة بعد الإطاحة بحسني مبارك وهي: على السلطة أن تصغي أكثر إلى مشاعر الناس.

·       إن الخوف الحقيقي الذي تشعر به إسرائيل هو خسارة السياسة المصرية القائمة على الحفاظ على الوضع القائم (الستاتيكو)، والتي سهّلت كثيراً على الحكومات الإسرائيلية. لقد انتهج نظام مبارك سياسة إقليمية لا تتمتع بتأييد جماهيري: تأييده الحصار على غزة، والحرب على العراق؛ تزايد الموقف العدائي من إيران؛ إدارة مفاوضات عقيمة بين إسرائيل والفلسطينيين. صحيح أن الثورة في مصر نبعت من التعطش إلى مزيد من الديمقراطية، لكنها تعبّر أيضاً عن الشوق إلى مزيد من الكرامة الوطنية. وكثيراً ما اعتُبرت سياسة مبارك الإقليمية معادية للعرب ومؤذية للكرامة الوطنية.

·       عندما وقّعت مصر اتفاق السلام مع إسرائيل، تعرضت لانتقادات من الداخل والخارج، واتُّهمت بأنها فعلت ذلك من دون التعاون مع الدول العربية في المنطقة، وبأنها تخلت عن القضية الفلسطينية. لقد اشتملت اتفاقية كامب دايفيد الموقّعة في سنة 1978، على ملحق حمل عنوان "إطار للسلام الإقليمي في الشرق الأوسط"، لكن هذا الجزء من الاتفاق لم ينفَّذ قط، فعدد المستوطنين الذين يسكنون في المناطق المحتلة كان آنذاك 100.000 مستوطن، بينما يبلغ عددهم حالياً أكثر من 300.000. ويمكن وصف الفترة منذ توقيع الاتفاق بحقبة "كانت يد إسرائيل خلالها طليقة" في المنطقة، وهذه حقبة يصعب على إسرائيل التخلي عنها، على الرغم من أنها لم تقدّم لها أمناً حقيقياً.

·       هناك من يقول إن اتفاق السلام مع مصر قضى على أي خيار عسكري فعلي للدول العربية ضد إسرائيل، من دون أن يؤثر في احتمال مهاجمة إسرائيل هذه الدول. وهذا الأمر يثير سخط الشارع العربي. ومع مرور الزمن تحول الحفاظ على اتفاق السلام مع مصر إلى الحفاظ على عملية سلام أدت إلى ترسيخ الاحتلال والمستوطنات، وتسببت بالسخرية من العرب المشاركين فيها. ومن هنا، فإن من غير المنطقي أن نتوقع أن يوافق النظام المصري الجديد على الاستمرار في هذه اللعبة، ومن الصعب أن نتخيل موافقة الفلسطينيين على 20 عاماً أخرى من المهانة، أو أن تتبنى سورية النموذج المصري وتوافق على توقيع اتفاق سلام منفرد.

·       لقد تقلصت إمكانات التحرك الاستراتيجية لإسرائيل، وباتت إسرائيل أمام توجهين أساسيين: التوجه الأول: إقناع الغرب بأنها هي جزيرة الاستقرار في بحر من الأعداء، والأمل بأن يبقى الجيش العنصر المهيمن في السلطة المصرية، وأنه يمكن الاعتماد بصورة خاصة على القوة العسكرية الإسرائيلية.

·       التوجه الثاني: هو الذي يطالب، فضلاً عمّا سبق، بالعودة الفورية إلى عملية السلام مع الفلسطينيين. لكن ليس من المتوقع أن يؤدي أي من هذين التوجهين إلى النتائج المرجوة، فالأول سيؤدي إلى مزيد من التدهور في وضع إسرائيل السيىء، أما الثاني فجاء متأخراً جداً.

·       أمام إسرائيل توجه ثالث ربما يمثل الفرصة الأخيرة لتحقيق حل الدولتين، ويتمثل في: أولاً، الانسحاب من دون شروط إلى خطوط وقف إطلاق النار لحرب سنة 1967، مع تعديلات متبادلة على الحدود ومتفق عليها، وتعهدات أمنية ودولية؛ ثانياً، اعتراف إسرائيل بطرد الفلسطينيين ونهبهم في فترة نشوء الدولة، ودفع التعويضات إلى اللاجئين؛ ثالثاً، تعهد إسرائيل بالمساواة الكاملة بين جميع مواطنيها، وإزالة العوائق التي تمنع تطبيق حقوق المواطنة بالنسبة إلى الأقلية العربية الفلسطينية.