المشروع الأساسي لغانتس يجب أن يكون بناء القوة القتالية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

·       لا بد لكل رئيس من رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي من أن يؤثر في طريقة استخدام القوة، سواء عبر أفعاله أم عبر تقصيراته، فالقرار والمسؤوليات ملقاة على كتفيه. لكن ما يثير التعجب هو أن عدداً قليلاً من رؤساء الأركان استطاعوا أن يؤثروا بصورة جوهرية في "بناء القوة"، وهو مصطلح يتناول نوعية الوسائل التي على الجيش التزود بها، وكيفية إعداد الجيش لنفسه من أجل القيام بمهماته في المستقبل.

·       لقد كان إيهود باراك آخر رئيس أركان أدخل تغييرات فعلية على بناء القوة، وذلك عبر ما سُمي آنذاك "المشروع الأساسي". لقد ظل جزء كبير من هذا المشروع سرياً، لكنه أدى إلى إحداث تغييرات جذرية في أساليب عمل الجيش، من الصعب تصور كيف كانت الحال ستكون من دونها.

·       وفي الحقيقة، لسنا بحاجة في كل عهد إلى إحداث ثورة في بناء القوة. فالجيش يحتاج إلى مدة طويلة من الزمن كي يستوعب التغييرات الكبيرة، ويدرب الوحدات العسكرية، ويسلح ويتمرن على القدرات الجديدة.

·       لكن الأوضاع حالياً باتت ناضجة للقيام بخطوة تعيد بلورة صورة الجيش الإسرائيلي، وذلك بعد أن قام رئيس الأركان المنتهية ولايته، غابي أشكنازي، برص الصفوف، من أجل بناء القوة، للأعوام المقبلة، وبالعودة إلى منظومة التدريبات النظامية، وبلورة الجهد بما يتلاءم مع الضرورات المستجدة والمرتكزات الموجودة.

·       إن أداة العمل الأساسية للقيام بمثل هذا التغيير هو الرؤية التي لدى رئيس الأركان. وخلال الأشهر الثلاثة المقبلة، هناك فرصة أمام رئيس الأركان للبدء بعملية تحمل اسمه وتؤثرفي بناء القوة أعواماً عدة. ويجب أن يكون الموضوع الأساسي بالنسبة إليه إعادة تحديد موقع الإنسان المقاتل، في عصر يمكن فيه تنفيذ كثير من المهمات الحربية بواسطة منظومات عسكرية آلية ليست بحاجة إلى العنصر البشري.

·       وهنا، علينا أن نتوسع قليلاً في هذا الموضوع. إن وظيفة المقاتل التقليدية تتألف من مهمات تحضيرية (تشغيل أو استخدام منظومات مثل الطائرة أو السفينة أو الدبابة؛ تحمّل التبعات؛ استخدام منظومات السلاح؛ التصويب وإطلاق النار)، علاوة على المهمات المعرفية من نوع اتخاذ القرارات، وتحديد مسار التحرك، واختيارالأهداف، وتقديم النموذج الفردي للمخاطرة، وإظهار الشجاعة، وما شابه ذلك.

·       في إمكان التكنولوجيا المتطورة تحرير المقاتل من أغلبية المهمات التقنية، والسماح له بمواجهة المهمات المعرفية فقط. ومن المجالات التي يمكن للمحارب التحرر فيها من المهمات التقنية كلياً، قيادةُ طائرة حربية. فقد بات ممكناً حالياً الحصول على أغلبية القرارات من الأرض أو من مكان بعيد آخر مثل طائرة القيادة، كما أن الطائرات من دون طيار أتاحت عدم تعريض حياة الإنسان للخطر، وزيادة نجاعة المنظومات الجوية التي لم تعد ذات قدرات تنفيذية محدودة، على الرغم من صغر حجمها وثمنها.

·       خلال ولاية رئيس الأركان الجديد، أصبح في إمكاننا إدخال سلاح لا يحتاج إلى بشر في كل شعبة مدرعة، وستكون النتيجة مهمة للغاية لأنها ستؤدي الى مزيد من المرونة في العمليات العسكرية، وستخفض بالتدريج من المخاطرة بحياة الجنود.

·       إن شرط تحقيق كل خطوة من هذا النوع هو تحديد رؤية رئيس الأركان لبناء القوة ونشر هذه الرؤية بين أكبر عدد من الناس. فالعديد من المنظومات يحتاج إلى تحديد التوجه قبل إدخاله في الخدمة، ونشر هذه الرؤية سيثير الجدل ويوضح الإيجابيات والسلبيات، ومن شأنه أن يكشف عن الخلل ويساهم في معالجته.

·       أمام رئيس الأركان الجديد كثير من المهمات والتحديات. ولمواجهة هذا كله، فإن المطلوب هو قوة نفسية وفكرية حقيقية، ولكن هذا جوهر مهمته. ومن هنا، فإن نجاح رئيس الأركان في هذه المهمة أمر يعني الجميع.