· لا شك في أن إطاحة الرئيس حسني مبارك تشكل بداية فصل جديد في تاريخ مصر، التي دخلت في الوقت الحالي مرحلة انتقالية يصعب تقدير فترتها الزمنية. ولا بُد من الإشارة إلى أن التحدي الأكثر تعقيداً الماثل أمام مصر الآن كامن في الانتقال من سلطة دكتاتورية الحزب الواحد إلى سلطة التعددية الحزبية التي تستند إلى قوى المجتمع المدني، وذلك في ظل واقع يبدو فيه أن القوى السياسية التي صنعت الثورة تستمد التشجيع من بيانات قيادة الجيش المصري التي تؤكد تأييدها نقل السلطة إلى زعامة منتخبة.
· ويمكن القول إن الساحة السياسية المصرية الداخلية ستشهد تطورات بعيدة المدى، وسيظل الإخوان المسلمون عنصراً مركزياً مهماً، لكن حركتهم خسرت مكانتها باعتبارها البديل الوحيد للسلطة. وستظهر أحزاب جديدة تتنافس على أصوات جيل الشباب الذي يشكل نصف السكان في مصر والذي قاد الثورة.
· وبطبيعة الحال، فإن هذه التطورات كلها ستنطوي على انعكاسات مهمة تتعلق بسياسة مصر الخارجية والأمنية. لكن يبدو أن الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة سوف تستمر، وكذلك سيستمر التزام مصر باتفاق السلام مع إسرائيل كونه جزءاً مهماً من هذه الشراكة. مع ذلك، فإن سقوط سلطة مبارك من شأنه أن يفاقم حملة النقد القائمة في المجتمع المصري إزاء السياسة الإسرائيلية، وبالتالي فإن ذلك ربما يضطر الحكومة المقبلة إلى إعادة دراسة حجم العلاقات مع إسرائيل.
· على الرغم مما ذُكر كله، فإن الوقت الحالي يبدو ملائماً أكثر من أي شيء آخر للقيام بتأملات عميقة في حدث تاريخي حصل على مرأى منّا، ومن المحتمل أن يعيد صوغ واقع الشرق الأوسط برمته وليس واقع مصر فقط.