انعكاسات إغلاق مضائق هرمز
المصدر
معهد دراسات الأمن القومي

معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛  وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.

·       تزداد حدة التهديدات الإيرانية بإغلاق مضائق هرمز يوماً بعد يوم. في الماضي كان هدف هذه التهديدات ردع الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، أمّا اليوم فهي تهدف إلى منع المجتمع الدولي من اتخاذ خطوات صارمة (مثل العقوبات التي فرضت هذا الأسبوع على قطاع النفط الإيراني)، الأمر الذي يدل على فعالية هذه الخطوات.

·       مضائق هرمز من أهم الممرات البحرية في العالم، فنحو 90٪ من إنتاج النفط في الخليج، والذي يمثل 40٪ من تجارة النفط في العالم، يمر عبر هذه المضائق التي لا يتجاوز عرضها في بعض الأماكن الضيقة نحو 33 كيلومتراً. وتسمح الخصائص الجغرافية لهذه المضائق وسيطرة إيران على بعض الجزر الرئيسية القريبة منها، بأن تقوم إيران (نظرياً)  بعرقلة حركة الملاحة فيها بسهولة نسبية. وإمكان حدوث مثل هذا السيناريو هو الذي يردع المجتمع الدولي عن مضاعفة الضغط السياسي على إيران، واستخدام القوة ضدها. كما أن أهمية هذه المضائق وحساسيتها، بالإضافة إلى وضع الاقتصاد العالمي والمخاوف من حدوث اضطرابات في سوق الطاقة، كل ذلك  يضخم من تأثير أي حادث يطرأ.

·       إن سوق الطاقة لا يتأثر فقط بالعناصر السيكولوجية، بل يتأثر أيضاً على المدى البعيد بشروط العرض والطلب. ويمكننا منذ اليوم تقليص انعكاسات إغلاق مضائق هرمز (في حال حدوث ذلك) من خلال استغلال الفائض في الإنتاج السعودي، واستخدام أنابيب بديلة، واستخراج النفط من المخزونات الاستراتيجية. كما أنه في مقدور الأسطول الخامس الأميركي الذي لديه قواعد في الخليج أن "يفتح" هذه المضائق في حال إغلاقها لقاء ثمن "محتمل".

·       ستسعى إيران لتجنب معركة واسعة في الخليج لأنها تدرك أنها ستدفع ثمناً باهظاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً. لكن هذا لا يمنعها من مواصلة التهديد بإغلاق المضائق لأن ذلك يخدمها جيداً، مستغلة الشروط الجغرافية الخاصة بالمضائق وحساسية سوق الطاقة العالمية إزاء الاضطرابات.

·       في ذروة "حرب الناقلات" (التي دارت خلال الحرب العراقية – الإيرانية) ظلت هذه المضائق مفتوحة. إن كل محاولة لإغلاق المضائق تتعارض مع القانون الدولي، ويمكن أن تعتبر ذريعة لشن الحرب على إيران. وقد شهد العام المنصرم، بالإضافة إلى ازدياد وتيرة التهديدات بصورة كبيرة، ازدياد حجم الحوادث الاستفزازية من جانب إيران إزاء السفن الأميركية في الخليج، الأمر الذي زاد المخاوف من إمكان حدوث تصعيد بين إيران والولايات المتحدة بشأن المضائق لا يرغب فيه الطرفان. وفي وضع مماثل، فإن وقوع حادث تكتيكي قد يتطور إلى حدث ذي انعكاسات بعيدة المدى على اقتصاد العالم وعلى استقرار المنطقة.

·       بناء على ذلك، من المهم مواصلة تطوير القدرة على مواجهة الانعكاسات المحتملة لوقوع اضطربات في المضائق. وينبغي في المدى القصير زيادة إنتاج النفط عبر الأنابيب التي لا تمر في هرمز. أمّا في المديين المتوسط والبعيد، فينبغي تركيب أنابيب للنفط لا تمر في مضائق هرمز مثلما تفعل اليوم الإمارات العربية المتحدة.

·       تدعي إيران أنها تستطيع إغلاق المضائق إغلاقاً محكماً لفترة طويلة وهذا أمر مشكوك فيه. ولكن إذا كان ذلك صحيحاً فإن لدى المجتمع الدولي وسائل عسكرية واقتصادية أفضل بكثير مما كان لديها في الماضي لمواجهة عرقلة الملاحة في المضائق. وتجدر الإشارة إلى أن إغلاق المضائق من جانب إيران من شأنه أيضاً أن يعرض استقرار نظامها للخطر، وأن يلحق الضرر باقتصادها وباستيراد مشتقات النفط المكرر وبتصديرها للنفط الخام (الذي يشكل نحو 80٪ من إيرادات الدولة)، كما من الممكن أن يؤدي ذلك إلى مواجهة مع الولايات المتحدة التي تتمتع بتفوق عسكري واضح.

في حال اضطر الأميركيون للقيام بعمل عسكري، فإن هذا لن يشكل ضربة قاسية لسلاح البحر الإيراني فحسب، بل سيلحق الضرر أيضاً بمنشآت استراتيجية، من بينها المنشآت النووية.