معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
· بغض النظر عمّا سيؤول إليه النظام السوري، وسواء استطاع النظام الحالي المحافظة على بقائه بقوة سلاح جيشه، أم سقط وحلّ محله نظام سياسي جديد، فالظاهر أن سورية لن تعود بسرعة إلى أداء دور أساسي في السياسة الإقليمية. ويمكن الافتراض أنه في المستقبل المنظور سيكون من الصعب على أي نظام في دمشق السيطرة على أنحاء الدولة كافة، وسيصبح الوضع في سورية شبيهاً بما كان سائداً خلال العقود الأولى لاستقلال هذه الدولة. كما يبدو أيضاً أن سورية ستتحول مستقبلاً إلى مرتع للمجموعات الإرهابية الراديكالية الإسلامية، مثل تنظيم القاعدة، وسيصبح "الإخوان المسلمون" من عناصر القوة المهمة في الدولة.
· منذ قرابة عامين، أي منذ نشوب الثورة في سورية، تتابع إسرائيل عن كثب وبقلق ما يحدث هناك. ولم يعد في إسرائيل من يأمل بالمحافظة على الوضع القائم على طول الحدود بين الدولتين، بل هناك توقعات بسقوط النظام السوري، وسيشكل ذلك صفعة قاسية لمكانة كل من إيران وحزب الله في المنطقة.
· لكن على الرغم من ذلك، وإلى جانب الآمال التي يثيرها التغيير في سورية، فإن إسرائيل تتخوف من أن يحل محل الهدوء المسيطر على هضبة الجولان الفوضى والإرهاب اللذان تختبرهما إسرائيل اليوم على طول الحدود مع مصر في شبه جزيرة سيناء. علاوة على ذلك، فإن مصير السلاح المتطور الذي يملكه الجيش السوري يقضّ مضجع متّخذي القرارات في إسرائيل.
· وفي المقابل، فإن الوضع في سورية يفتح نافذة من فرص أمام إسرائيل، يمكن استغلالها مع القوى الإقليمية والدولية من أجل المشاركة في بلورة مستقبل سورية. وهذا يتطلب من إسرائيل "النزول عن الجدار"، أي التخلي عن سياسة مراقبة ما يجري في سورية عن بعد، وأداء دور فاعل، وأن يكون لها موقف، وأن تكون شريكة في تحالف إقليمي ودولي يهمّه إسقاط نظام بشار الأسد، وضمان الاستقرار في سورية في المرحلة التي تلي ذلك الإسقاط.
· وتتضمن نافذة الفرص التي انفتحت أمام إسرائيل، على سبيل المثال، الاحتمالات التالية:
1. فتح قناة للحوار مع تركيا والدول العربية المعتدلة - الأردن، والسعودية، ودول الخليج، وحتى مع مصر ـ بشأن مستقبل سورية.
2. إقامة حوار غير مباشر بواسطة دول غربية، أو بواسطة لاعبين إقليميين، مع عناصر في المعارضة في سورية، على الأقل مع الذين لا يتماهون مع التيار الإسلامي الراديكالي، والقريبون من الولايات المتحدة والدول الأوروبية وحتى تركيا.
3. إجراء حوار مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية وحتى مع روسيا، وذلك انطلاقاً من كون إسرائيل لاعباً فاعلاً وقادراً على المساهمة في اتخاذ هذه الدول قرارات تتعلق بالموضوع السوري، وذلك بفضل فهمها الجيد لما يحدث في سورية.
· وفي المقابل، فإن على إسرائيل الاستعداد لمواجهة الانعكاسات المحتملة لما يحدث في سورية، وبينها انعكاسات انهيار النظام السوري على الأردن ولبنان اللذين يشكلان ساحتين مهمتين لإسرائيل. ففي الأردن يواجه النظام الهاشمي احتجاجاً شعبياً متواصلاً، وفي حال سقوط نظام الأسد فإن هذا الاحتجاج سيزداد. أمّا في لبنان، فإن هناك وضعاً قائماً [يتسم بالهدوء على طرفي] الحدود المشتركة منذ سنة 2006، وهذا الوضع القائم قد يتصدع في أعقاب الانقلاب في سورية وانزلاق "الثورة" إلى لبنان به، الأمر الذي سيؤجج التوتر بين السنّة والشيعة في الدولة، وسيؤدي إلى زعزعة استقرار الحكم ويضعف قدرة لبنان كدولة، وكذلك قدرة حزب الله على المحافظة على الهدوء على طول الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستنجح إسرائيل في مواجهة تهديدات الأمن الجاري التي ستظهر أمامها في حال حدوث سيناريو سقوط النظام السوري؟ وهل ستعرف كيف توظف مثل هذا السيناريو في خدمة مصالحها؟
· إن الاستراتيجيا الإسرائيلية إزاء تركيا والدول العربية المعتدلة مثل السعودية وتجاه سورية المستقبلية، مرتبطة بسياسة إسرائيل العامة إزاء ما يحدث حولها، وبعلاقاتها مع المصريين ومع الفلسطينيين. ومن شأن هذا أن يحدد ما إذا كان "الربيع السوري" مجرد فصل قصير في "الشتاء" المستمر على الدوام بين دمشق والقدس، أم إنه سيشكل مؤشراً إلى تغيير مُناخي وسياسي بين الدولتين.