كذبة القدس الموحدة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

·      يجب أن يعرف يائير لبيد الذي أوضح  أن "عاصمة إسرائيل لن تقسم"، كما يجب أن يعرف جميع الذين يقدسون حدود العاصمة "الموحدة"، أن الاعتبارات التي كانت في أساس ضم المناطق إلى القدس الغربية بعد حرب الأيام الستة، لا علاقة لها بمسائل مثل قدسية المدينة أو تراثها التاريخي وعلاقة الشعب اليهودي بها. فحدود القدس الموسعة - التي تشمل العيسوية وسور باهر وشعفاط وجبل المكبر، جرى تحديدها في حزيران/يونيو 1967 بناء على أولويات الجيش الإسرائيلي بصورة أساسية، وآخر شيء كان يشغل قادة الجيش آنذاك هو قدسية المدينة.

·      عندما سيطرح موضوع تقسيم القدس على طاولة المفاوضات، من المفيد جداً أن يعرف المفاوضون وكذلك الإسرائيليون كلهم بدقة، كيف جرى رسم حدود المدينة.

·      في اليوم التالي لانتهاء حرب الأيام الستة في 11 حزيران/يونيو 1967، اجتمعت الحكومة على عجل واتخذت بسرعة قراراً بسريان مفعول "قانون وأحكام وإدارة الدولة" على المناطق التي ستُضم إلى العاصمة، وكان هذا قراراً غريباً جداً، لأنه لم يكن واضحاً للوزراء آنذاك ما هي المناطق التي يجري الحديث عنها نظراً الى عدم وجود خريطة تحدد الحدود الجديدة للمدينة. لقد قدّر الوزراء أن ضم مناطق القدس الشرقية من شأنه أن يثير معارضة لدى الكثير من الدول بصورة أساسية للأهمية الرمزية للمدينة بالنسبة للإسلام وللمسيحية، ومن هنا اتفق أغلبية الوزراء على ضرورة إنشاء وقائع على الأرض بسرعة في موضوع توحيد القدس قبل فوات الأوان.

·      وفي أعقاب قرار ضم المناطق التي لم تحدد طبيعتها، تقرر تشكيل لجنة وزارية تقترح الحدود الجديدة للمدينة. وسرعان ما اندلعت الخلافات في الآراء بين أعضاء اللجنة. ومثلما يجري في أحيان كثيرة، اعتمد الوزراء هذه المرة أيضاً مقترحات الجيش الذي شارك ممثلون عنه في نقاشات اللجنة الوزارية.

·      لقد مثل الجيش الإسرائيلي في اللجنة اللواء رحبعام زئيفي، المعروف بمواقفه الداعمة لأرض إسرائيل الكاملة. ونستطيع الاطلاع على الاعتبارات التي أخذ بها الجيش في ترسيم حدود القدس من الرسالة التي بعث بها زئيفي إلى رئيس اللجنة الوزارية وزير العدل يعقوب شمشون شابيرا وتضمنت تفاصيل المبادئ التي وجهت الجيش في اختياره خط الحدود: "إضافة مساحة واسعة تتضمن القدس ومن شأنها أن تسمح بتوسعها لتصير مدينة كبرى. وإذا اتضح مستقبلاً أننا بالغنا في ضم مناطق وسكان، سيكون في الإمكان الفصل بين مناطق بلدية القدس ومنطقة خارجية ضمن إطار مجلس إقليمي. ثم إدخال مطار عطيروت إلى المناطق التي جرى ضمها. لم ندخل إلى مجال مدينة بيت لحم، وهذا حال دوننا ودون قبر راحيل. حاولنا بقدر الإمكان رسم خط بناء على التضاريس الطبوغرافية، ولكن في المناطق حيث لا أهمية خاصة أو بسبب وجود مشكلة معينة – تم رسم خط حدود مستقيم من نقطة لأخرى". لم يرد في الرسالة كلمة واحدة عن النظرة التاريخية، ولا عن التراث اليهودي في المدينة، ولا عن قدسيتها بالنسبة للشعب اليهودي.

·      وافقت الحكومة على الخريطة التي رسمها الجيش، وجرى تقديمها إلى الكنيست لإقرارها في 28 حزيران/يونيو 1967. وبهذه الطريقة جرى تكريس "وقائع على الأرض"، وجرى ترسيم الحدود الجديدة للقدس التي تحولت مع الوقت إلى حدود مقدسة.

·      إن قرار الحدود الجديدة ضم 69,990 دونماً إلى المدينة زاد مساحتها ثلاثة أضعاف. لكن الأخطر من هذا كله، أنه في هذا الإطار جرى ضم عدد غير قليل من القرى الفلسطينية التي ليس من الواضح علاقتها بقدسية المدينة الأبدية.

عندما يصرح بنيامين نتنياهو بأننا "لن نقبل أبداً بأن تعود القدس مدينة مقسمة وحزينة ومنقسمة" فهو يتجاهل ان حدود المدينة "الموحدة" وضعت وفق رغبات الجنرالات. وهو عندما يقدّس هذه الحدود ويحولها إلى شروط للاتفاق، فإنه يخدع الرأي العام ويدعم المعارضين لأي اتفاق مع الفلسطينيين.

 

المزيد ضمن العدد 1838