الفوضى في مصر تهدد الاستقرار ومساعي بناء الدولة المركزية القوية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

·       أحيا المصريون الذكرى الثانية للثورة المصرية التي أسقطت حكم حسني مبارك بتظاهرات كبيرة تخللتها أعمال عنف قُتل جرّاءها العشرات وجُرح المئات. وتعالت الدعوات مجدداً من ميدان التحرير مطالبة بإسقاط الطاغية، وهذه المرة المقصود هو محمد مرسي، الرئيس المنتخب الذي لم يمض أكثر من نصف عام على توليه منصبه.

·       لقد كان السبب المباشر للاشتباكات هو صدور الحكم بالإعدام في حق عدد من المتهمين بالقيام بأعمال شغب قبل عام في ملعب لكرة القدم في بور سعيد. بيد أن أسباب اندلاع الاحتجاجات في أنحاء واسعة من مصر هي أعمق من ذلك كثيراً.

·       إن أحد أسباب الغليان الشعبي هو خيبة أمل العديد من المصريين، وخصوصاً أبناء الطبقات الفقيرة، من ضآلة الإنجازات التي حققتها حتى الآن الثورة التي أسقطت حكم مبارك. ويتضح الآن لكثير من المصريين أنه لم يكن واقعياً توقعّ أن كل شيء سيحدث دفعة واحدة بمجرد استبدال مبارك بمحمد مرسي، وأن جميع المشكلات التي يعانيها المجتمع ستُحل، وأنه سيكون ممكناً خلال أشهر إيجاد ملايين الوظائف الجديدة، وحل مشكلة الفقر والضائقة الاقتصادية، وإعادة السياح إلى مصر ومعهم المستثمرون الأجانب، والمضي بمصر في طريق جديد. لذا، وبقدر ما كانت الآمال الكبيرة بمستقبل أفضل، جاءت خيبة الأمل الكبيرة، وظهر الغضب العميق ضد مرسي الذي تحوّل إلى هدف للانتقادات والغضب والإحباط. بناء الطبقات لافقيأأ

·       ثمة مصدر آخر للغضب والثورة هو احتجاج شباب ميدان التحرير والأوساط الليبرالية في مصر، الذين خرجوا قبل عامين إلى الشوارع وأسقطوا حكم مبارك، إذ شعر هؤلاء بأن محمد مرسي والإخوان المسلمين سرقوا الثورة منهم، وأن هدف مرسي هو إنشاء دولة ثيوقراطية دينية.

·       حتى الآن لا تشكل الاحتجاجات التي عمّت الشوارع في مصر خطراً مباشراً على حكم مرسي. فعدد كبير من المتظاهرين لم يطالب بإسقاطه، كما أن مرسي لا يزال يحظى بدعم لا يستهان به وسط الجمهور المصري الذي انتخبه قبل أقل من عام رئيساً للجمهورية.

·       تشكل الفوضى التي سادت مصر في الأيام الأخيرة خطراً على استقرار الدولة المصرية، وعلى إحساس المواطن بالأمان، وهي تهدد بصورة خاصة المساعي الرامية إلى بناء دولة مركزية فاعلة تحظى بالشرعية وقادرة على النهوض الاقتصادي.

·       خلال الأعوام المقبلة ستظل مصر تعيش مشكلات أساسية صعبة من شأنها أن تشعل اضطرابات مشابهة لتلك التي رأيناها في الأيام الأخيرة. وستشغل هذه المشكلات مرسي وتفرض نفسها على جدول أعماله وجدول أعمال مصر كلها. ونأمل بأن يدرك مرسي بسرعة حدود قوة مساعيه الرامية إلى إحكام قبضته على الحكم.

·       ثمة ملاحظة أُخرى على هامش ما يجري، فالأحداث في مصر جاءت في نهاية الأسبوع الذي جرت فيه الانتخابات في إسرائيل. فقد انتبه عدد من المصريين إلى أنه في إسرائيل، وبغض النظر عن الانتقادات ضد سياسة حكومتها، فإن المواطنين الإسرائيليين هم الذين يختارون مصيرهم عبر انتخابات ديمقراطية، وأن تبادل السلطات يجري بواسطة التصويت المنظم والقانوني في صناديق الاقتراع، وليس عبر الثورات العنيفة والدموية التي لا نهاية لها.