من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
· انتهت الانتخابات وانتهى فرز الأصوات، وبقي بنيامين نتنياهو في الحكم، وسيواصل تولّيه منصب رئاسة الحكومة، مع تغيير طفيف في الشعارات التي رفعها. فخلال الحملة الانتخابية كان شعار نتنياهو: "رئيس حكومة قوي وحزب كبير"، أمّا اليوم فهو يتحدث عن "حكومة موسعة ومستقرة"، مع بقاء سائر الأمور على حالها، إذ سيبقى بيبي كما هو، وستبقى رؤيته للعالم كما كانت عليه، وكذلك خبرته وأهدافه.
· لم تتغير تقديرات نتنياهو للوضع، ولا السياسة المترتبة على ذلك، وهو سيظل يعتقد، كما كان قبل الانتخابات، أن إسرائيل عرضة لخطر متزايد بسبب تفكك الدول المجاورة وسقوطها في أيدي الحركات الإسلامية. وهو كان، ولا يزال، مقتنعاً بأن كل أرض ستنسحب منها إسرائيل ستتحول إلى "قاعدة للإرهاب الإيراني"، وما زال يعتبر أن وقف المشروع النووي الإيراني قبل التوصل إلى صنع القنبلة، هو مهمة تاريخية.
· عشية الفوز في الانتخابات كرر نتنياهو هذه الشعارت المعروفة، وتعهّد بتحقيق "القوة الأمنية"، ومنع السلاح النووي الإيراني، كما وعد بتحمّل "المسؤولية الاقتصادية"، و"المسؤولية السياسية في السعي نحو السلام الحقيقي." والمعنى الفعلي لهذا الكلام أن الجمهور اختار بقاء نتنياهو في منصبه كي يواصل النهج الذي كان ينتهجه، فالميزانية الأمنية لن تُقلص، ولن تنشأ دولة فلسطينية في الضفة الغربية، ولن يجري إخلاء أي مستوطنة، ولن تُفرض ضرائب من أجل إعادة الحياة إلى سياسة الرفاه التي جرى القضاء عليها.
· الأمر الوحيد الذي أضافه نتنياهو إلى قائمته هو مطلب "المساواة في توزيع العبء" [المقصود عبء الخدمة الإلزامية في الجيش أو القطاع المدني]، وتخفيض أسعار الشقق. هذا هو الوعد الذي قطعه من أجل انضمام يائير لبيد إليه، لكنه تجاهل مطالبة لبيد بإدخال تعديلات على نظام الحكم لا ترغب فيها الأحزاب الحريدية، وبهذه الطريقة لمّح نتنياهو إلى هذه الأحزاب أنه لا ينوي إبقاءها خارج الحكومة، وأنه لن يُدخل حزب يش عتيد بدلاً منها إلى حكومته.
· لقد أثبت نتنياهو في ولايته الأولى أنه لا يتحرك إلاّ بضغط شعبي أو أميركي فقط. فقد خفّض أسعار الهواتف الخليوية، وأقام الجدار على الحدود مع مصر، واستعاد غلعاد شاليط، بسبب الضغط الشعبي الداخلي. كما جمّد الاستيطان عشرة أشهر، وامتنع من مهاجمة إيران، بسبب تخوفه من ردة فعل الرئيس باراك أوباما. بيد أن نتنياهو خصص كامل طاقته من أجل المحافظة على "الاستقرار"، والحؤول دون حدوث هزّات سياسية تهدد بقاءه في الحكم، أو إعادة انتخابه. ولدى تفحّص النتائج يظهر لنا أنه نجح في تحقيق ذلك، إذ على الرغم من الحملة الانتخابية الفاشلة التي خاضها، والضربة التي تلقّاها حزبه في صناديق الاقتراع، فإن ذلك لم يؤد إلى زعزعة الأسس التي يقوم عليها حكمه. وها هو الآن يسعى لتخفيض الثمن الذي يطالب به حلفاؤه من أجل الانضمام إلى الائتلاف الجديد، ويعمل على تشكيل قاعدة واسعة تمنع أياً من المشاركين في الائتلاف من إسقاطه. وتتركز جميع المساعي الآن على هذا الهدف: من التسريبات بأن سارة نتنياهو "فرضت فيتو على نفتالي بينت" [زعيم حزب البيت اليهودي الذي كان خلافه مع زوجة رئيس الحكومة سبباً في مغادرته الليكود قبل أكثر من عام]، والعناق مع لبيد، والتصريحات بشأن الوضع الطارىء في الشمال. لقد دخل نتنياهو إلى المفاوضات السياسية من موقع قوة، بينما لبيد والحريديم متساوون في قوتهم، والخلافات القائمة بينهم تمنعهم من التحالف ضد نتنياهو.
· يحظى نتنياهو اليوم بتأييد 63 عضو كنيست (ليكود بيتنا، والأحزاب الدينية، وشاؤول موفاز) وهو بحاجة إلى لبيد، وربما أيضاً إلى تسيبي ليفني، وذلك للقيام بالدور الذي كان يقوم به إيهود باراك في مواجهة أوباما، وفي مواجهة مطالبة اليمين المتطرف بضم المناطق [المحتلة] وبالاستيطان، والتي من شأنها تعميق عزلة إسرائيل الدولية. لكن لكل شيء ثمن، ولبيد الضعيف لا يستطيع أن يفرض على نتنياهو مشروعه الرامي إلى فرض الخدمة المدنية على العرب والحريديم. ومن هنا لا حاجة حقيقية إلى تطبيق "المساواة في تحمل العبء" باستثناء التوصل إلى صيغة ترضي محكمة العدل العليا [التي أوقفت العمل بقانون طال الذي يعفي التلامذة المتدينين من الخدمة العسكرية]، وهذا ما يعرفه أيضاً السياسيون الحريديم. ولذا، يأمل نتنياهو بأن الحريديم سيقتنعون وسيوقّعون أي صيغة من دون مضمون حقيقي تتعلق بقانون الخدمة الإلزامية، كي لا يخسروا المساعدات الحكومية المخصصة للأولاد، ولتمويل اليشيفوت وتعليم التوراة.
· إن الظروف تعمل لمصلحة نتنياهو، ويبقى أن ننتظر لنرى إلى أي حد سينجح في توظيفها في خدمته.