· تعتبر سياسة الاغتيالات سياسة مفضلة لدى الحكومات الإسرائيلية منذ عقود. ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى التعليمات التي أصدرتها رئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير باغتيال جميع الفلسطينيين المتورطين في عملية قتل أعضاء المنتخب الرياضي الإسرائيلي في الألعاب الأولمبية في ميونيخ [سنة 1972].
· وقد بلغ هذا الأسلوب ذروته خلال الانتفاضة الثانية، حين جرى اغتيال أكثر من 400 فلسطيني من النشيطين في مجال الإرهاب على يد الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك. لكن على الرغم من ذلك، فمن المعلوم أيضاً أن إسرائيل لم تحاول قط اغتيال رئيس دولة معادية، سواء رغبة منها في التزام الحذر وعدم تعريض عضويتها في المحافل الدولية للخطر، أو تخوفاً من أن يؤدي هذا الاغتيال إلى نشوب مواجهة إقليمية، أو بسبب الصعوبات العملانية الكبيرة لتنفيذ مثل هذا الاغتيال.
· كان ياسر عرفات، لدى وفاته، رئيساً لكيان فلسطيني لا يتمتع بالسيادة ولا بالاعتراف الدولي، لكن العالم أجمع، وحتى إسرائيل، اعترفا به زعيماً للشعب الفلسطيني.
· لقد ساهم التحقيق الذي بثته قناة "الجزيرة"، والذي كشف أن عرفات مات مسموماً بمادة إشعاعية هي بولونيوم 210، في توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل، إذ أعلنت السلطة الفلسطينية في إثره نيتها تشريح جثة عرفات. وفي حال ثبت أن عرفات مات مسموماً ولم يمت ميتة طبيعية، فإن التهمة ستوجه إلى القدس مهما تكن ردة فعلها، ولا سيما أن أريئيل شارون، رئيس الحكومة الإسرائيلية في تلك الحقبة، وصف عرفات بـ "الإرهابي" أكثر من مرة.
· إذا كانت إسرائيل هي التي سممت عرفات سنة 2004، فإن عليها تحمل النتائج الناجمة عن ذلك سنة 2012 وفي الأعوام المقبلة. وقد يكون من النتائج المباشرة لهذا الأمر انفجار دورة جديدة من العنف في وقت قريب على خلفية حالة الغضب في الشارع الفلسطيني، فضلاً عن محاولة اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية، أو مسؤولين إسرائيليين.
· من هنا يمكن القول إن الذين اغتالوا عرفات اغتالوا معه حظوظ التوصل إلى السلام مع شعبه، وحكموا على الإسرائيليين والفلسطينيين بأعوام طويلة من سفك الدماء، وليس من المبالغة القول إن هذا ما أرادوا تحقيقه بالتحديد.