من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
يوم "الغضب" في شوارع إسرائيل أثبت بشكل نهائي: نحن في حرب. المعسكر "الديمقراطي" يخوض عملية "سور واقٍ" خاص به. مرّ شهران على تأليف حكومة بنيامين نتنياهو المرعبة. الدولة تتفكك، تنهار. كل شيء تأكله النيران، وليس فقط حوارة. لا يوجد شيء أكثر رمزية من قيام نتنياهو أمس، وخلال العاصفة، بإبطال القانون الذي يسمح بإخراجه من الحكم لتعذُّره في أداء مهماته. إنه يعلم بما يقوم به، لأنه يتعذر عليه القيام بمهماته. قبل عزله بذرائع قضائية، يجب عزله لأنه غير قادر على الحكم. الحديث هنا يدور عن رئيس حكومة أعلن الحرب على الدولة. وليس الحرب فقط على مؤسساتها وموظفيها، بل على نظام الحكم والأفكار المؤسِّسة له.
- التاريخ يطفح بنماذج من الحكام الذين فقدوا اتصالهم بالواقع والقدرة على التمييز بين الخير والشر، الصواب وغير الصواب. بدءاً من نيرون قيصر روما الذي كان يعزف حين كانت تشتعل، مروراً بكليغولا الذي عيّن حصانه في منصب قنصل، وصولاً إلى الديكتاتوريين المعروفين من القرن الماضي وحتى الحالي. هذا تحدٍّ صعب. قارئة ملتزمة طلبت مني هذا الأسبوع بعض الكلمات التشجيعية التي تبثّ الأمل. أجبتها بأنني لا أوزع الأمل، لست تشرشل، ولا أملك في جعبتي أي شيء لطرحه إلا العرق والدموع والمعارضة الصلبة.
- سابقاً، أرسلت مقالاً إلى "هآرتس"، يناقش وجود نزعات غير صحية لدى نتنياهو. اقترح المحررون أن أتنازل عنه. وقالوا لي، بحق، إنني لست طبيباً نفسياً، وفي كل الأحوال، هنا ليس المكان المناسب للخوض فيه. 5 أعوام مرّت، وأنا لم أصبح طبيباً نفسياً، أنا لست إلا وطنياً يحافظ على القانون ويدفع الضرائب ويربي أولاده هنا. أنظر إلى ما يقوم به نتنياهو هنا مع ائتلاف المتدينين والصهيونية الدينية بعيون خائفة، وأود أن أقول لهم أمراً واحداً: قلت لكم إن هذا ما سيحدث. لست الوحيد طبعاً، لكن امتداد المعارضة إلى فئات ومواقف كنا نحلم سابقاً بالوصول إليها، هي بمثابة نهاية التاريخ، حرفياً.
- أذكر جيداً اللحظة التي انكسرت فيها علاقتي الخاصة بنتنياهو. حدث هذا بسبب كايا، الكلبة العمياء التي تبنّتها عائلة نتنياهو وسارعت إلى الإعلام لنشر الموضوع. بدأ هذا بيائير نتنياهو الذي كان يتنزه مع الكلبة، لم ينظف الأرض بعد أن تغوطت، وعندما طالبته عابرة سبيل بذلك، أخرج لها إصبعه الأوسط. بعد ذلك، طالبوا الدولة بتغطية نفقات الأكل الخاصة بكايا. المحاسبة العامة في وزارة المالية رفضت ذلك. صممتُ على لقائها؛ كنت أود أن أسمع منها أن رئيس حكومة إسرائيل قدم فواتير أكل للكلاب.
- الإدراك أن نتنياهو يعمل في بيئة مجنونة كان ضرورياً لتقدير أدائه وقدرته على اتخاذ القرارات في عدة مجالات؛ وتبين أنه لا يمكن الفصل أصلاً: زوجته تتدخل في تعيين المسؤولين، وابنه يتدخل في قضايا السياسات، ويقوم بتفعيل منظومة الإعلام والهجوم. فضيحة المساكن، آلاف الملفات الجنائية التي لم يتم التحقيق فيها حتى اليوم (قضية الغواصات، الأسهم في شركة المعادن) والفضيحة القومية الخاصة بطائرة "جناح صهيون"، كلها أثبتت أن الحديث يدور عن "هوس" و"حسابات ضيقة" و"نميمة". مَن يعتقد أن الدولة ملك له، لن يتردد أيضاً في حرقها إذا اعتقد أن ذلك يخدم مصالحه.
- تم التعامل مع ولايته الحالية على أنها "ولاية الإرث". لن تطول هذه الولاية، والإرث واضح: تخريب المشروع الصهيوني. نتنياهو أقام للمرة الأولى في حياته حكومة من دون جهة معتدلة ومسؤولة فيها.
- نتنياهو يدفع بالدولة الآن بسرعة إلى أزمة دستورية، اقتصادية وأمنية - ويقوم بذلك استناداً إلى أغلبية بسيطة لا تتعدى الثلاثين ألف صوت، إذا جمعنا أصوات المعسكرات. هذا ليس منطقياً. الدولة أكبر من مجموع المواطنين، أو الأطراف. الدولة تاريخ وفكرة. في حالة إسرائيل، على الرغم من كل مشاكلها، فإن الدولة هي معجزة. لا نستطيع السماح لنتنياهو ومساعديه بهدمها.