نتنياهو أراد أن يكون "سيد الأمن"، والآن يعرّض كل ما أنجزه للخطر
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي عرفته خلال السنوات التي عملت فيها معه وبعدها، كان زعيماً حذراً وموزوناً. فقد امتنع من خوض حروب لا لزوم لها، وحقق اتفاقات سلام، وعزز الاقتصاد الإسرائيلي، بدعم ائتلاف واسع ومتنوع (باراك، لبيد، كحلون، كانوا وزراء مركزيين في حكوماته).  لكن في حكومته الحالية، يبدو أن وزير العدل ورئيس لجنة القانون والدستور والقضاء مُنِحا الحرية المطلقة لإصدار تشريعات جنونية وخاطفة يمكن أن تغيّر نظام إسرائيل وصورتها وقيمها جذرياً. وعندما يُستكمل هذا التغيير، سيؤدي إلى أزمة وطنية وأمنية، وسيلقي ظلاً ثقيلاً على إنجازات الدولة وأمنها ومستقبلها.
  • حتى الآن، لم تُعرض تداعيات "الإصلاح القضائي" على الأمن القومي الإسرائيلي. ويتركز النقاش العام على التداعيات المدمرة على منظومة القيود والتوازنات في البنية القضائية الإسرائيلية. لكن ما لا يقل أهمية عن ذلك هو تحليل تداعيات الخطوات القضائية التي تدفع بها الحكومة قدماً، والتقديرات بشأن تأثيرها في الأمن القومي، في حال استمرارها.
  • قبل استكمال المرحلة الأولى من التشريع يتضح، أكثر فأكثر، أن تداعيات "الإصلاح" القضائي كبيرة، وتتجاوز كثيراً النواحي القضائية والدستورية التي هي بحد ذاتها دراماتيكية. ومما لا شك فيه أن التشريعات تمسّ بمكونات مهمة جداً في الأمن الإسرائيلي، وتعرّض للخطر المصالح الاستراتيجية لإسرائيل في مواجهة أعدائها وحلفائها.
  • لو دعا رئيس الحكومة إلى نقاش استراتيجي لتحليل تداعيات التشريعات القضائية والعملية التي يدفع بها قدماً، أنا واثق بأن المسؤولين عن التقديرات، وعن التخطيط البعيد المدى في مجال الأمن - مجلس الأمن القومي، ووزارة الدفاع، والجيش، ووزارة الخارجية وشعبة الاستخبارات العسكرية والشاباك - كانوا سيعرضون القضايا الخمس التالية:
  • التعاون مع الولايات المتحدة
  • الإصلاحات تقوّض قاعدة القيم التي قامت عليها العلاقات مع الولايات المتحدة، وتجعل من الصعب على الرئيس جو بايدن، الملتزم بأمن إسرائيل، تقديم المساعدة من أجل الدفع قدماً بالأهداف الأمنية المركزية لحكومة نتنياهو السادسة.
  • لقد حدّد نتنياهو كبح البرنامج النووي الإيراني وانضمام السعودية إلى اتفاقات أبراهام كهدفين مركزيين للسياسة الخارجية في حكومته الجديدة. ومن أجل الدفع قدماً بهذه الأهداف الحيوية، فإن إسرائيل بحاجة إلى الولايات المتحدة، ولا سيما أن إيران تعزز وجودها على عتبة النووي وتتجاوز كل "خط احمر" في مجال تخصيب اليورانيوم.
  • الرئيس بايدن أعلن "موت الاتفاق النووي"، ومن الضروري لإسرائيل ألا تتحول إيران إلى "مشكلة لإسرائيل" وحدها. لذلك، يجب صوغ اتفاقات مع واشنطن بشأن كيفية ردع إيران عن إحراز تقدُّم آخر في المجال النووي ووقف البرنامج النووي الإيراني قبل التوصل إلى سلاح نووي. بالإضافة إلى ذلك، إن انضمام السعودية إلى اتفاقات أبراهام مرتبط بالاستجابة الأميركية لطلباتها (ضمانات أمنية، وسلاح متقدم، ونووي مدني)، ومن دون استعداد أميركي للاستثمار بصورة كبيرة في توسيع اتفاقات أبراهام، لا يمكن إجراء التطبيع مع السعودية. الرسائل التي نقلها من واشنطن وزير الخارجية أنتوني بلينكن وسفير الولايات المتحدة في إسرائيل توم نيدس كانت واضحة - لا تستطيع الإدارة العمل مع إسرائيل على هذه القضايا المهمة إذا واصلت إسرائيل الدفع بالتشريعات التي تعتبر أنها تمسّ بالديمقراطية الإسرائيلية وتبعدها عن المعسكر الديمقراطي الغربي.
  • التضامن الإسرائيلي
  • الطريقة العنيفة التي يجري فيها الدفع قدماً بالإصلاح القضائي تقسّم الشعب، وتقوّض حصانته، وتمسّ بالتضامن ووحدة المصير وقدرة إسرائيل على الصمود، وحتى بتأييد يهود الولايات المتحدة لها. لقد قامت دولة إسرائيل بعد المحرقة، انطلاقاً من إيمان صهيوني عميق بأن الشعب اليهودي لا يستطيع أن يقوم إلا في دولته. مرت 75 عاماً وكنا معاً - يساريون ويمينيون، سكان مستوطنات ومدن، أشكينازيم وسفارديم، يهود ودروز، متدينون وعلمانيون، ندافع عما يربط بيننا هنا، وأقمنا معاً دولة قوية، أمنياً واقتصادياً. يهود الولايات المتحدة والجاليات اليهودية، التي تُعتبر الثانية من حيث الحجم في العالم، أيّدوا وساعدوا الدولة وقوتها.
  • ... التضامن الداخلي الإسرائيلي له وزن مهم في صمود إسرائيل في مواجهة التحديات – وقف البرنامج النووي في إيران، والمعركة في مواجهة حزب الله، والمواجهة المستمرة والواسعة النطاق في الساحة الفلسطينية التي تتجه نحو التصعيد. إن إلحاق الضرر بالتضامن الإسرائيلي هو بمثابة إلحاق ضرر مباشر بأمن إسرائيل وحصانتها.
  • الردع الإسرائيلي في مواجهة إيران
  • الإصلاحات القضائية تُضعف الردع الإسرائيلي، الدعامة الحيوية في العقيدة الأمنية الإسرائيلية، وفي قدرتها على المحافظة على الاستقرار والتهدئة في الجبهات المختلفة. في نابلس وغزة وبيروت وطهران يتابعون، بارتياح، الانقسام في داخل الشعب الإسرائيلي. الاستراتيجيا البعيدة المدى لـ"محور المقاومة" ليست تدمير إسرائيل بقنبلة نووية، بل تدميرها من خلال استنزافها - بالإرهاب والصواريخ والقذائف، حتى يشعر المواطن الإسرائيلي باليأس ويغادر البلد. مؤخراً، عاد نصر الله في خطابه إلى منطق رعاته الإيرانيين بأن إسرائيل ضعيفة و"أوهن من بيت العنكبوت"، ولن "تصمد حتى تصل إلى عامها الثمانين". كلام نصر الله، مع تصاعُد "الإرهاب" في المناطق [المحتلة] والقدس، يدلان على الضرر الذي لحق بالردع الإسرائيلي، وهو ما يشكل دعماً معنوياً مهماً لأعدائنا، ويؤشر إلى خطر زعزعة الأمن على الحدود الشمالية أيضاً.
  • ثقة المجتمع الدولي ورجال الأعمال بإسرائيل
  • دولة إسرائيل هي معجزة اقتصادية. الشركات والصناديق الدولية ووكالات التصنيف تعتبر الاقتصاد الإسرائيلي اقتصاداً مجدياً، من المفيد الاستثمار فيه، بفضل التضافر الناجح بين سياسة اقتصادية مسؤولة والابتكارات الإسرائيلية والمؤهلات في مجالات الهاي تك والنظام الخاص ومنظومة قضائية مستقرة ومستقلة. أي نقاش سابق في تأثير التشريعات القضائية في الاقتصاد الإسرائيلي، كان سيأخذ في حسابه التداعيات المدمرة لهذه الخطوة، كما تحذّر منها اليوم المصارف ورؤساء قطاع الهاي تك وكبار الاقتصاديين في البلد والخارج، وحاكم مصرف إسرائيل السابق والحالي. الآن، يتضح أن هذه التحذيرات بدأت تتحقق أمام أعيننا، وأن الاستمرار في الدفع بهذه الخطوة يمكن أن يهرّب الأموال من إسرائيل، ويدمر ثقة مجتمع رجال الأعمال الدوليين باقتصادنا. الانهيار الاقتصادي لن يضرّ فقط برفاه المواطنين الإسرائيليين، بل لن يسمح بتوفير الموارد للمؤسسة الأمنية التي تحتاج إليها لمواجهة التحديات المركزية لأمن إسرائيل: كبح البرنامج النووي الإيراني، والصواريخ الدقيقة لحزب الله، و"الإرهاب" الفلسطيني.
  • المعركة المعادية لإسرائيل في العالم
  • الإصلاحات القضائية تقدم للذين يكرهون إسرائيل إنجازاً لم تستطع تحقيقه حركة الـBDS لنزع الشرعية، وإنكار وجود دولة إسرائيل، بحجة أنها دولة عنصرية وغير ديمقراطية، وترتكب جرائم ضد الإنسانية. لقد كان أفضل دفاع لإسرائيل عن نفسها في مواجهتهم ادّعاءها، الذي كان يلاقي قبولاً من العالم، بأن منظومة تطبيق القانون الإسرائيلية مستقلة، وتتصرف وفق قواعد قانونية دولية، ويمكنها أن تحكم بنفسها على أعمال الجيش الإسرائيلي. بهذه الطريقة، رفضت إسرائيل المطالبات الدولية باستخدام صلاحيات قضائية عالمية على أراضيها.
  • إضعاف المحكمة العليا وتسييسها يمكنهما تقويض خط الدفاع الأخير لإسرائيل. وأول مَن سيدفع الثمن قادة وجنود الجيش الإسرائيلي، ماضياً وحاضراً - إذ إنهم سيتعرضون لقضايا واعتقالات في الخارج. ومن المهم أن يعلم السياسيون بأن تحركاتهم في العالم ستخضع لقيود، ويمكن أن يواجَهوا بأوامر اعتقالهم فور نزولهم من الطائرات، وخصوصاً في هذه الفترة التي تجرّ فيها السلطة الفلسطينية إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية والجنايات في لاهاي...

 

 

المزيد ضمن العدد