الاستراتيجيا في مواجهة إيران فشلت: يجب دفن الاتفاق النووي وتحضير خيار عسكري
تاريخ المقال
المصدر
- التقرير الأخير لمراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية، الذي كشف عن وجود يورانيوم مخصّب في إيران على درجة 84%، هو بمثابة جرس إنذار للجميع. الاستراتيجيا الإسرائيلية بشأن كل ما له علاقة بالمواجهة مع البرنامج النووي العسكري الإيراني فشلت.
- في البداية، يجب تنظيم التفاصيل بحد ذاتها - فمن الناحية العسكرية، لا يوجد فارق كبير بين التخصيب الذي تقوم به إيران على درجة 60% وبين التخصيب الذي جرى الحديث عنه على درجة 84%- بينما درجة التخصيب العسكري هي 90%. ولا شك في أن إيران تقترب من ذلك. التخصيب غير المسبوق الذي جرى الكشف عنه، يمكن أن ينجم عن احتمالين مركزيين: الأول خطأ إيراني ناجم عن "ألعاب" قام بها الإيرانيون مؤخراً في الربط بين المجموعات المتتالية. هذه المسألة تقنية، ويمكن أن تؤدي إلى خطأ في التخصيب على درجة أعلى. والاحتمال الثاني والأخطر، هو أن إيران اتخذت قراراً بالتخصيب على عتبة التخصيب العسكري لاختبار ردة فعل الغرب. وإذا كان هذا صحيحاً، فإن ما جرى هو خطوة أُخرى من أجل تطبيع تخصيب اليورانيوم، بعد أن اعتاد العالم كله الوضع الخطر اليوم الذي تخصّب فيه إيران على درجة 60%.
- الناحية الاستراتيجية هي المهمة، وحتى الآن، لا يوجد أي رد فعلي على استمرار تقدُّم البرنامج النووي الإيراني. يجب وضع الأمور على الطاولة والاعتراف بالحقيقة المرة - إن الذي سيمنع إيران الآن من التقدم نحو التخصيب على درجة عسكرية هي إيران نفسها. الاستراتيجيا الإسرائيلية أدت إلى معارضة حازمة للاتفاق النووي، لكن من دون التوصل إلى رد حقيقي على الاحتمال الواقعي الذي حدث فعلاً مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق بصورة أحادية الجانب، والذي في إطاره، تخرق إيران بنود الاتفاق وتوسّع برنامجها النووي.
- يتعين على العالم الرد بصورة حاسمة، والآن. لا يمكن الاستمرار كأن شيئاً لم يكن. بصفتي من الذين أيّدوا العودة إلى الاتفاق النووي في الأشهر الماضية، مع كل عيوبه وسيئاته - أقول إن هذا الاتفاق لم يعد مهماً (على الرغم من كونه لا يزال سارياً)، إيران توسّع برنامجها النووي، لكن يبدو أنها لم تتخذ قرار القفز إلى القنبلة. الآن هو الوقت المناسب لتقويض المنظومة وإحداث التغيير. الغرض من هذه الخطوة مزدوج: زعزعة الأمن الإيراني الذي لن يهاجمه الغرب في المستقبل القريب، ووقف المماطلة في الاتصالات المتعلقة بالاتفاق النووي (لأنه من الواضح تماماً أن إيران تماطل، وليست معنية فعلاً بالعودة إلى الاتفاق).
- هذه الخطوة يجب أن تبدأ بدفن الاتفاق النووي الذي يُعتبر ميتاً. ومن أجل حدوث ذلك، يجب على إحدى الدول الأوروبية الكبرى إعلان أن إيران تخرق الاتفاق النووي. وليس هناك أي مشكلة في العثور على دلائل تدعم ذلك. في المقابل، يجب إعداد وتطوير تهديد عسكري موثوق به، من خلال التعاون الوثيق مع جيش الولايات المتحدة، ووضع وسائل معينة في إسرائيل، ومواصلة التدريبات المشتركة المهمة. لا يمكن الاستمرار بالطريقة الحالية التي يمكن أن تؤدي بنا في نهاية المطاف إلى قنبلة إيرانية.
- والسؤال لماذا والحال هذه، لا ينسحب الأوروبيون من الاتفاق النووي؟ التفسير الأساسي هو تخوّفهم من أن تترافق هذه الخطوة مع عودة العقوبات التي ستؤدي إلى رد إيراني شبيه بالتخصيب على درجة 90% (الدرجة العسكرية). وفي ضوء ما جرى الكشف عنه في الأيام الأخيرة أن إيران وصلت إلى هذه الدرجة، يمكن أن نجد أنفسنا إزاء وضع وصلت فيه إيران إلى هذه الدرجة من التخصيب، ويصبح التهديد بدفن الاتفاق النووي غير ذي دلالة.
- بعد كتابة هذا كله، يجب أن نهدأ. الإيرانيون لم يصلوا إلى القنبلة النووية. وحتى لو قرروا التخصيب على درجة 90%، فإن هذا لا يعني الوصول إلى قنبلة - بل هو الشرط الأول لها. المشكلة الناجمة عن ذلك هي أنه كلما وصلوا إلى هذا المستوى، فإن خيار شن هجوم عسكري فعال يأخذ في التضاؤل. وكلما تقدموا على محور التخصيب وبدأوا بالتقدم أيضاً على محور تجميع السلاح وتركيب المجمع، كلما ازداد تعقيد المعلومات الاستخباراتية والعملانية. من هنا، فإن الوضع الحالي شديد التعقيد.
- الوقت المتاح لنا في هذا المجال ضيق، ويجب الانتباه إلى كلام السفير الأميركي في إسرائيل توماس نيدس. إسرائيل بحاجة إلى الولايات المتحدة في موضوعات استراتيجية مهمة بالنسبة إليها - البرنامج النووي الإيراني، والدعم الدبلوماسي لها في مواجهة محاولات نزع الشرعية عنها في مجلس الأمن في الأمم المتحدة. وكانت التوصية الصحيحة للسفير هي الاهتمام بالتهديدات الكبيرة - الوضع الحالي في الضفة الغربية على حافة الانفجار، وشهر رمضان على الأبواب، والقدس الشرقية تشتعل، والبرنامج النووي الإيراني يتعاظم. من الأفضل أن نشرك المجتمع الدولي في معالجة هذه الموضوعات، وليس في موضوعات أُخرى.