بمَ تبشر زيارات المسؤولين الأميركيين للحكومة الإسرائيلية؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، وكذلك الزيارة القريبة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، تعكس رغبة إدارة بايدن في التعاون مع الحكومة الجديدة في إسرائيل بشأن قضايا محددة، على رأسها المشروع النووي الإيراني. هذا بالإضافة إلى أن الهدف من اللقاءات هو التحضير لزيارة نتنياهو الأولى إلى واشنطن، وهو في منصبه الجديد - القديم، كرئيس لحكومة إسرائيل.
  • دائماً ما تحتاج اللقاءات ما بين الرؤساء الأميركيين ورؤساء الحكومة الإسرائيليين إلى تحضير دقيق مسبقاً، لمنع أي خلل ممكن. وبالإضافة إلى الموضوع الإيراني، سيتضمن اللقاء مع بلينكن، كما اللقاء المتوقع في واشنطن أيضاً، مثلث الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل؛ القضية الفلسطينية ومحاولة الأميركيين إحياء حلّ الدولتين.
  • وعلى الرغم من أن لا علاقة بين هذا الموضوع وموضوع النووي الإيراني بالنسبة إلى السياسة الأميركية، فإنه يمكن أن يحصل التقاء، ليس للمرة الأولى، بين مواقف إسرائيل وسياساتها في الضفة الغربية وبين استعداد واشنطن لتنسيق المواقف معها في الموضوع الإيراني. وكما أثبتت أحداث الأيام الماضية، فإن حكومة إسرائيل واعية بذلك.
  • بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يوجد الآن واقع جيوسياسي مختلف عما كان عليه سابقاً سواء على صعيد قراراتها الذاتية، وأيضاً إزاء التطورات التي لا تسيطر عليها، كالمواجهة مع روسيا، على خلفية الحرب في أوكرانيا وإسقاطاتها، وكذلك ارتفاع أهمية النفط والغاز في الشرق الأوسط من جديد. نتيجة إضافية لهذا هي تعزيز مكانة إسرائيل، باعتبارها الحليف الأكثر استقراراً، والأساسي بالنسبة إلى واشنطن في المنطقة. هذا الظرف الجيوسياسي الجديد، والتخوف المشترك من إيران، يُعدّ فرصة بالنسبة إلى إسرائيل، بهدف توسيع علاقاتها مع دول الخليج ودول عربية أُخرى، من ضمنها السعودية، في المجال الأمني والتعاون مع القيادة المركزية في الجيش الأميركي. عودة المبادِر إلى "اتفاقيات أبراهام"، بنيامين نتنياهو، إلى كرسي الحكم، سيساعد على تعزيز هذه الاتجاهات.
  • بعد السلبية السياسية للحكومة السابقة في الموضوع النووي الإيراني، فإن نتنياهو مصمم الآن على إخضاع كافة القضايا السياسية الأُخرى لخدمة الصراع ضد المشروع النووي الإيراني، وهو الذي كان من بين الأوائل الذين رأوا فيه، وبحق، تهديداً وجودياً لإسرائيل. لذلك، فإن هدفه هو خلق ظروف تكون فيها إسرائيل وأميركا على الخط نفسه، ظروف لم تكن ممكنة خلال فترة ولاية الرئيس أوباما، العدائية. إدارة بايدن لا تتجاهل التهديد الإيراني، وليس فقط لإسرائيل، بل لدول المنطقة الأُخرى أيضاً، ولمصالح الولايات المتحدة نفسها. لكنها على عكس إسرائيل وموقف أغلبية الدول العربية، فهي مستعدة للاكتفاء بتأجيل التهديد لسنوات معدودة، بدلاً من العمل على القضاء عليه كلياً. هذا التوجه يتلاءم مع التوجه العام لسياسة أوباما، وأيضاً ترامب: تقليص الوجود الأميركي في الشرق الأوسط وتحويل المحور الاستراتيجي الأساسي الخاص بأميركا إلى الشرق الأقصى.
  • وبالمناسبة، كما نُشر في "نيويورك تايمز"، الولايات المتحدة فتحت قبل عدة أشهر مخازن الطوارئ في إسرائيل، التي بحسب الاتفاق منذ الثمانينيات، كان الهدف منها مساعدة إسرائيل في حالة حرب شديدة - بهدف تحويل مئات آلاف القذائف إلى أوكرانيا. ويمكن التقدير أنه، كما في الاتفاق على الحدود البحرية مع لبنان، جرى هذا من دون استشارة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست. يمكن أن تكون لهذه الخطوة إسقاطات سلبية على المعركة السياسية الإسرائيلية ضد إيران، وأيضاً على العلاقات العملية الإسرائيلية مع روسيا بخصوص سورية، وأقدّر أن يتم طرح الموضوع خلال المحادثات في القدس وواشنطن.
  • فعلاً، أميركا تصرّح كإسرائيل، بأنها لن تقبل أن تمتلك إيران سلاحاً نووياً. لكن وكما في القصيدة المعروفة: عندما تقول لا، ماذا تقصد؟ الإجابة عن هذا السؤال مهمة جداً لإسرائيل والدول العربية، بصورة خاصة تلك الشريكة في "اتفاقيات أبراهام"، إذ إن أهم الأعمدة فيها هو التهديد المشترك من إيران. في واشنطن، وبصورة خاصة في أوروبا، لا تزال هناك أصوات كانت ستبارك العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي، أي من دون تغييرات وقيود إضافية، فبحسبهم، توقيع اتفاق موقت سيئ هو أفضل من عدم وجود اتفاق بتاتاً، أو من القرار غير المرغوب فيه في واشنطن، أي العمل العسكري، أو تعزيز العقوبات بشكل جدّي. وفي نظر إسرائيل وشريكاتها في الإقليم، فإن العودة إلى الاتفاق الأصلي معناها رفع مستوى التهديد الإيراني، حتى لو تم تأجيله بضعة أعوام، ثم إزالة العقوبات وتدفُّق مليارات الدولارات فوراً إلى خزينة "آيات الله"، كما يُسمح للنظام في طهران بالاستمرار في قمع الاحتجاجات المحلية، بالإضافة إلى زيادة "النشاط الإرهابي" والدفع قدماً بطموحاته التوسعية.
  • على الرغم من الاختلافات المحتملة مستقبلاً بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن طريقة العمل، فإن قائمة الأهداف الإسرائيلية في المحادثات الحالية مع أميركا بشأن الموضوع الإيراني واضحة: الدفع قدماً بمعركة شاملة وواسعة لإضعاف نظام "آيات الله"، ومن ضمنها دعم فعلي للاحتجاجات الجماعية، وحالياً، البحث في التعاون في إمكانات أُخرى.
  •