مخيم جنين يمكن أن يتحول قريباً إلى موقع تراثي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • رأيت الكثير من الأمور الجميلة في مخيم جنين. لم أرَ، كما في الكيبوتس، الأغنيات والنجوم خارجاً، إنما رأيت مخيماً شجاعاً، مقاتلاً، منظماً ومصمماً، كما لم أرَه سابقاً. هذه أول مرة أزوره منذ 4 أعوام، أما الجيش، فمنذ عام لا يستطيع الدخول إليه، بل يكتفي بالوصول إلى مداخله. السلطة لا تدخل إليه، وكذلك، لا يستطيع أي صحافي إسرائيلي الدخول إليه، باستثناء عميرة هاس، بعد كل الخيبات التي تسبب بها المراسلون الإسرائيليون لسكان المخيم. عدت إليه هذا الأسبوع برفقة أليكس ليبك [مصور إسرائيلي]. كانت زيارة عاطفية جداً، شخصية، عاصفة وجميلة.
  • 60 "قتيلاً" في العام الماضي وحده، 38 منهم من سكان المخيم، المكان الأقرب إلى غزة، من حيث الروح والمعاناة؛ الروح الإنسانية نفسها، والشجاعة نفسها في هذا المخيم في جنين. قطعة الأرض الثالثة في مقبرة الشهداء ممتلئة، ويجب إيجاد قطعة أرض إضافية لـ"القتلى" القادمين. إذا اجتاح الجيش المخيم، يقولون هنا، فستحدث مجزرة. يقولونها من دون أي خوف، أو تبجُّح.
  • صاحب محل الحمص في مدخل المخيم أجرى عملية جراحية، زوجة قائد "حماس" في المخيم، الأسير في السجون الإسرائيلية، أصابها العمى، وتم افتتاح مستشفى جديد بجانب المخيم. جمال الزبيدي، الأكثر شجاعة وشهامة، فقد خلال العام الماضي ابنه نعيم، وزوج ابنته داود، وهو أيضاً شقيق زكريا الزبيدي.
  • جئنا إلى المخيم في يوم أربعين نعيم. جلس جمال وحده في غرفة الاستقبال، حيث هدم الجيش المنزل مرتين، وحوله صور وملصقات 6 "قتلى" من العائلة. وفد من "ناطوري كارتا" كان يزور المخيم وصل إلى هنا أيضاً، لتقديم واجب العزاء، لكن المسلحين أبعدوه من هنا بإطلاق الرصاص. ابن جمال الصغير، حمودي، الذي عرفناه طفلاً مشاغباً، تحول الآن إلى المطلوب رقم 1 في المخيم، ينتمي إلى "الجهاد". أبناء مقاتلي الجبهة الشعبية العلمانية، باتوا أيضاً مقاتلين في صفوف "الجهاد الإسلامي"، التنظيم الأقوى في المخيم - وهذه القصة كلها باختصار.
  • لدى المسلحين في المخيم رقم هاتف سري، يتصلون به كلما لاحظ أحدهم أن قوات الجيش تتقدم نحو المخيم أو المدينة. رقم الهاتف هذا يفعِّل تلقائياً الإنذار في المخيم. يحدث هذا عادةً في ساعات الليل؛ ينهض المخيم، ويخرج عشرات المسلحين من منازلهم بسرعة إلى مداخل المخيم وجنين. هكذا قُتل 38 من أبناء المخيم. الفروقات بين الفصائل غير واضحة هنا، وهي تتعاون فيما بينها أكثر من أي مكان آخر في الضفة. شبكات تضليل موزعة فوق الأزقة لمنع المسيّرات التابعة للجيش من مراقبة ما يحدث.
  • يُخرج أحد الشبان صورة جوية للمخيم، يبدو أن الجنود تركوها هنا في المدينة، وبحسب الرواية المحلية، فإنها سُرقت من أحدهم. الصورة من أيام المونديال، ويبدو أن الجيش أطلق على أزقة المخيم أسماء المنتخبات: هذا زقاق البرتغال؛ وذاك زقاق فرنسا، والآخر البرازيل. وكتب على جدران أحد المنازل "اندماج"، ويعتقد الشبان أن المقصود هو بيت "صديق" - أي متعاون.
  • السيارة الأكثر انتشاراً هي جيب من نوع تويوتا C-HR يعمل بالكهرباء والوقود، رأينا الكثير منه هنا في أزقة المخيم، وهو مسروق من إسرائيل، جديد تقريباً. فبعد كل السرقات الإسرائيلية من الفلسطينيين، بدءاً من الأراضي، وصولاً إلى "الكرامة"، هناك نوع من العدالة الساخرة في هذه السيارات المسروقة التي يستعملها الشبان هنا.
  • لا يوجد أي بيت هنا من دون خسارة إبن له، لا توجد عائلة من دون ابن معوّق أو أسير. على مداخل المخيم، وضع الشبان حواجز حديدية زرقاء "كما في أوكرانيا". أوكرانيا ليست هنا حتى الآن، لكن المخيم يمكن أن يتحول في يوم من الأيام، من الممكن قريباً، إلى ليفوتشا [معلم تراثي]، حيث لن يفرح أيّ إسرائيلي بذلك.
  •