الاستراتيجيا الحالية حيال إيران خطِرة
تاريخ المقال
المصدر
- تقف إسرائيل وإيران والعالم الغربي الآن على مفترق طرق سيقرّر ما إذا كانت إيران ستصبح دولة نووية. في الأسبوع الماضي، وصفتُ الاتفاق النووي الحالي بأنه أشبه بميّت غير مدفون، وهو لا يزال كذلك ولم يُدفن نهائياً، كونه لا يزال موجوداً كما تراه دول أوروبا، وذلك على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تعد جزءاً من الاتفاق، بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب منه، وعلى الرغم من أن إيران تشذّ عن قيود الاتفاق النووي. إن تقدير الاستخبارات السنوي في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، والذي كشفت "يسرائيل هَيوم" النقاب عنه هذا الأسبوع، يكشف قلقاً عميقاً، في ضوء تقدُّم البرنامج النووي الإيراني، وعن حق. فإيران هي دولة عتبة نووية عملياً، ولا توجد آلية تقيّدها كي لا تصبح دولة نووية. وغياب العمل هو الخيار الاستراتيجي الأسوأ من بين كل البدائل.
الخيار العسكري
- إن البدائل غير جيدة. هناك ثلاث طرق ممكنة لوقف البرنامج النووي الإيراني: الأولى، أن يكون في وسع إيران اختيار هجر البرنامج النووي، في ضوء ضغط اقتصادي وخوف من هجوم عسكري، وهذه إمكانية غير معقولة، لأن إيران على وعي بالخطر التاريخي الناتج من التخلي طوعاً عن السلاح؛ والحالتان الليبية والأوكرانية تثبتان الخطر الشديد الكامن في مثل هذا القرار، من ناحيتهم. الطريقة الثانية هي هجوم عسكري على إيران. الهجوم العسكري ممكن، وقد يكون ناجحاً، لكنه سيتصاعد إلى حرب إقليمية، ويُحتمل أن ينقل الهجوم إيران من استراتيجية عتبة نووية إلى استراتيجية ردع نووية، أي سيتسبب بتسريع البرنامج النووي الإيراني. الطريقة الثالثة هي محاولة الوصول إلى اتفاق نووي جديد بعد دفن الاتفاق الحالي؛ اتفاق جديد يضع حدوداً ورقابة على إيران بشكل يمنع البرنامج النووي العسكري، في مقابل رفع العقوبات.
- هنا يُطرح السؤال: ما هي المنفعة من اتفاق نووي جديد، وما هو احتمال التوصل إليه؟ وما هو معنى مثل هذا الاتفاق من منظور المصلحة الأمنية الإسرائيلية؟ وهذا طبعاً على افتراض أنه من الممكن كسر الاتفاق الحالي، وعلى افتراض أنه من الممكن الضغط على إيران لقبول اتفاق آخر.
- إن النقيصة الكبرى لمثل هذا الاتفاق هي إعطاء شرعية لحكم آيات الله وتعزيز اقتصادي للنظام، الأمر الذي يساعده على التصدي للتحديات الداخلية بصورة أفضل. هذه الشرعية، في سياق الحرب في أوكرانيا، ستُعتبر أيضاً كإبداء ضعف من الغرب، وربما تتعارض مع المصلحة الأميركية في هذا السياق.
الوضع الحالي جيد لإيران
- إن الميزة الكبرى لاتفاق من هذا النوع - والقصد اتفاق بلا موعد نفاد مثل الحالي - والذي يتضمن عموم عناصر القدرة النووية (التخصيب، وجهاز التفجير، والصاروخ الناقل)، هي أن إيران لن تصل إلى قدرة نووية، ولن يدخل الشرق الأوسط في سباق تسلُّح نووي، ولن يُستـأنف التهديد الوجودي المحتمل لدولة إسرائيل. وعلى الرغم من البدائل السيئة، من منظور الأمن القومي الإسرائيلي، فإن منع السلاح النووي عن إيران أهم من تعزيز النظام.
- لكن المشكلة المركزية لإسرائيل ليست هذه. إن إمكانية التوصل إلى اتفاق طويل ومطوّر ضئيلة. والأمر المقلق للغاية هو احتمال ألا يكون زعيم إيران معنياً باتفاق نووي على الإطلاق. وقد يكون الوضع الحالي أفضل بالنسبة إليه؛ وضع تكون فيه إيران قريبة من بثّ قدرة نووية تستند إلى الغموض، ولا تحتاج إلى رحمة الغرب كي تُبقي اقتصادها في قيد الحياة. كما أنها تحظى بإسناد من قوة عظمى هي روسيا، وهو ما يضمن مردودات هائلة في مجال القدرات العسكرية الإيرانية، ومساندة روسيا في الأطر الدولية.
- إذا كان هذا هو الوضع، فكيف سيكون ممكناً تغيير المسار الحالي وتشديد الضغط على إيران؟ إن أي بديل أفضل من ذاك الذي يتحقق أمام ناظرينا. ويجدر بنا أن نفحص الاستراتيجيا التي أدت بنا إلى هذا الوضع الإشكالي، والتي تُعتبر خطِرة.