الثمن الحقيقي لحكومة يمين "كاملة"
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • في الأيام الأخيرة، هناك نقاش عام واسع في إمكانية تشريع "فقرة التغلب" والدفع قدماً بتسييس اختيار القضاة. أحياناً، يتم التعامل مع هذا النقاش كنقاش مبدئي، وأكاديمي تقريباً، بشأن مكانة القضاء وحدود قوة النظام. وعلى الرغم من ذلك، فإن خلف هذه القضية الفكرية يقف موضوع وجودي بالفعل، وهو السبب الجوهري وراء نية اضعاف الرقابة القضائية.
  • يتم التعبير عن هذا الموضوع الوجودي بالسؤال المستفز عادة، الذي يوجَّه إلى المواطنين اليهود في إسرائيل - هل أنت يهودي أكثر أم إسرائيلي أكثر. هذا هو السؤال الذي استناداً إليه، يتم التقسيم بين يمين ويسار، وعملياً هو السؤال نفسه الذي يُسأل عمّا إذا كان منطقياً أن يتم منح امتيازات لليهود أكثر من العرب. ففي أوساط كثيرة داخل المجتمع اليهودي، هناك رؤية تفيد بأن المساواة تتناقض مع يهودية الدولة. والحديث لا يدور فقط حول تفضيل أبناء مجموعة معينة على الآخرين، إنما عن عداء في أوساط عديدة داخل المجتمع اليهودي للمواطنين العرب في إسرائيل. هذا العداء هو انعكاس للصراع بين الشعبين، وعدم وجود الثقة، والخوف.
  • يتم التعبير عن هذا الموقف في ترتيبين، هناك إجماع عليهما في أوساط كل مَن يعرّف نفسه بأنه "صهيوني"، يسارياً كان أم يمينياً، وصادقت عليهما المحكمة العليا: تطبيق سياسات هجرة، والتي الهدف منها حفظ الأغلبية اليهودية في الدولة (حق العودة لليهود، ونزع حق العودة من أحفاد اللاجئين الفلسطينيين)، وذلك بالاستناد إلى التقدير أنه من دون أغلبية يهودية، سيكون هناك خطر حقيقي على الوجود المادي لمواطني إسرائيل اليهود؛ وعدم تجنيد المواطنين العرب في الجيش.
  • عدم الثقة هذه بالجمهور العربي كجماعة، متجذر في الجمهور اليهودي - الصهيوني. وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك فرقاً شاسعاً بين التوجّهين في المجتمع اليهودي، وهو يتركز في سؤال عمّا إذا كان الترتيبان السابقان: حق العودة والخدمة في الجيش، كافيين لاستنفاد هوية الدولة اليهودية أم لا. تقريباً، يمكن تلخيص الموقف الليبرالي بالقول risk-taking Liberty is about higher. بحسب هذه الرؤية، يجب تحديد التمييز في سياسات الهجرة والخدمة العسكرية بالاستناد إلى اعتبارات مبدئية وعملية في آن معاًـ وفيما عدا ذلك، يجب إظهار التسامح والمعاملة على قدم المساواة. هذا الموقف المتناقض يعبر عن التطلع إلى الأمن المطلق، حتى لو كان الثمن الضرر بحُرية الأقليات، أو التمييز. السعي إلى تحقيق هذه السياسة هو الأساس الذي من أجله يتم الدفع قدماً بالخطط التي تهدف إلى تدمير النظام القضائي.
  • سياسات الحكومات الإسرائيلية في الأعوام الأخيرة تعكس موقفاً ثنائياً إزاء المجتمع العربي: من جهة، هناك اعتراف بأن تطوّر ونمو المجتمع العربي الكبير، سيعود بالفائدة على الأغلبية اليهودية في عدة مجالات، منها الاقتصاد ومحاربة الجريمة والتشغيل، وغيرها؛ ومن جهة أُخرى، هناك عدم قدرة على التحمل بكل ما يخص تعبير المواطنين العرب عن قوميتهم وتعاطُفهم مع الفلسطينيين في الضفة (وهذا ما ينعكس في معارضة أوساط عديدة داخل المجتمع اليهودي بمجرد تعريف المواطنين العرب بأنهم فلسطينيون). التغيير المركزي المتوقع مع تأليف الحكومة اليمينية الجديدة يمكن أن يكون تقليص مساحة حرية التعبير، وحرية الترشح، وفي مجالات أُخرى.
  • التخوف هو من نشوة القوة للحكومة، وأن يؤدي غياب حدود مؤسساتية - بسبب الأغلبية الواضحة في الكنيست وضعف النظام القضائي، ومعه الالتزام بسلطة القانون - إلى فرض سياسة عدوانية وقمع الطموح القومي للأقلية العربية في إسرائيل بالقوة. نشوة القوة هذه - الخلط ما بين "القانوني" و"الشرعي"، هي في رأيي، الخطر الأساسي الذي يقف أمام دولة إسرائيل. سياسة كهذه يمكن أن تؤدي إلى تعزيز المشاعر القومية لدى الكثيرين في أوساط الجمهور العربي، وهو ما سيتم استخدامه لشرعنة الخطوات العدائية ضد هذه التعبيرات. النتيجة يمكن أن تكون بالعودة إلى "الأحداث" العنيفة التي جرت في أيار/مايو 2021، وبصيغة أصعب بكثير.
  • يمكن منع المصيبة. يجب أن نحاول إقناع الجمهور العام، العربي واليهودي سوياً، بالفائدة التي ستعود عليه من التسامح وعدم نجاعة "العنف". يجب الاعتراف بأن الجمهور العربي ليس "طابوراً خامساً" إنما هو جسر ممكن للسلام بين الشعبين. للجمهور العربي حقوق، كأفراد ومجموعة. علينا أن نقوم بكل ما في وسعنا لتحقيق نبوءة النبي يشعياهو أن "بيتي بيت صلاة مفتوح لجميع الشعوب". هذه الدولة لكل الشعوب، يهوداً وعرباً، كل الشعوب التي تعتبر هذه الأرض وطنها. بناء على ذلك، فإن الصراع ليس على المحكمة أو على الرقابة القضائية وإنما الصراع هو حول قيمتين أساسيتين في الديمقراطية، هما المساواة والتسامح.
  •  
 

المزيد ضمن العدد