ينبغي ضرب "موجة الإرهاب" في الضفة الغربية قبل أن تصبح انتفاضة ثالثة
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • ما زالت المواجهات بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لا تحتل العناوين الرئيسية، وغالباً ما تتم إزاحتها إلى الصفحات الداخلية، إلى جانب أخبار الجناية والجريمة. والانطباع الذي يؤخذ من قراءة الصحف هو أننا لا نشهد اشتعالاً واسعاً لموجات من العمليات مثلما شهدنا في الماضي. غير أن هذا الهدوء مخادع، أو حتى أنه هدوء ما قبل العاصفة، وفي واقع الأمر، فإن العاصفة باتت هنا. فلا يكاد يمرّ يوم واحد من دون حوادث عنف بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين، وخصوصاً أن كل قرية أو مدينة تنفّذ فيها قوات الجيش الإسرائيلي عمليات جارية واعتيادية، تصبح ميدان معركة تصطدم فيه مئات الفلسطينيين بقواتنا، بل أنهم يطلقون النار نحوها بكل الأسلحة المتوفرة تحت تصرّفهم. ولا يكاد يمر يوم واحد من دون أن نبلّغ عن محاولة طعن أو دهس، وبالتوازي، طرأ ارتفاع كبير في عدد القتلى الفلسطينيين في هذه المواجهات. ولا شك في أن كل قتيل يشعل الخواطر ويثير المشاعر، ويشحن دواليب الصراع بالزيت أو بالدم.
  • تتصدر جنين، عاصمة "الإرهاب"، هذه العاصفة، لكن قبل نحو أسبوع، وقعت في غور الأردن عملية إطلاق نار نحو حافلة باص كان تقلّ جنوداً، وقبل بضعة أيام من ذلك، أُطلقت عيارات نارية نحو حافلة باص بالقرب من مستوطنة "عوفرا". وفي نابلس والخليل، وفي غلاف القدس وحتى في الأحياء العربية فيها، تقع أحداث عنف كل يوم، وباختصار، المناطق [المحتلة] كلها تشتعل.
  • ثمة مَن يربط تعاظُم العنف بحقيقة أننا في أواخر عهد السلطة الفلسطينية، أو على الأقل في أواخر عهد رئيس السلطة محمود عباس، ابن الـ87 عاماً. فهذه السلطة، وعباس على رأسها، ضعيفة وعديمة القوة، ولا سيما فيما يتعلق بالرغبة في فرض الحوكمة على المناطق التي تحت سيطرتها. لكن المستقبل سيكون أسوأ، إذ إن من سيخلف عباس لن يتمتع بالشرعية إياها التي تمتع بها هو الذي رافق ياسر عرفات على مدى أعوام طويلة. كما يمكن أن نعزو ارتفاع مستوى العنف إلى ريح الإسناد التي تلقاها الفلسطينيون ممن يُفترض بهم أن يكونوا الأصدقاء الطيبين لإسرائيل والمؤيدين لحقّها في الدفاع عن نفسها. فالنقد الذي تتعرض له إسرائيل في قضية قتل الصحافية شيرين أبو عاقلة والتوبيخات العلنية لأنظمة فتح النار لدى الجيش الإسرائيلي، يعتبرهما الفلسطينيون إنجازاً سياسياً، وبمثابة وجود مردود للعنف.
  • لكن المهم الآن هو كيف نوقف نقاط الماء التي يبدو أنها تحولت إلى طوفان منذ وقت بعيد. ويجب أن نتذكر أن أحداً لم يتوقع الانتفاضات السابقة التي كانت بمثابة حدث عفوي ومتدحرج لم يبادر إليه أو يوجهه أحد، لا في تونس، ولا في رام الله. إن الجموع في الميدان هي التي قادت خطى الأحداث وأمسكت بإسرائيل غير جاهزة، وعليه، تأخرت في الرد، وفقدت السيطرة لفترة.
  • في النتيجة، كانت الانتفاضة الأولى هي التي أدت إلى اتفاقات أوسلو، وكانت الانتفاضة الثانية هي التي جلبت معها خطة الانفصال عن غزة. وهما خطوتان لا تزالان تجبيان منا ثمناً باهظاً حتى اليوم. فضلاً عن كل هذا، يجب ألا ننسى أن جوهر الصراع على هذه البلاد مليء بالمدّ والجزر، وبفترات من الهدوء والتصعيد. غير أن جيلنا لن يحظى بالهدوء المطلق على ما يبدو.
  • أحيت إسرائيل مؤخراً ذكرى مرور 55 عاماً على سيطرتها على يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، أكثر بكثير من فترتيْ الانتداب البريطاني والحكم الأردني معاً. إن الوضع القائم السائد في الميدان يبدو لكثيرين أهون الشرور، فهو يسمح لنا بالسيطرة على المنطقة، من دون أن ندفع لقاء ذلك أثماناً في الساحة الدولية. لكن هناك لحظة تتفوق فيها نواقص الوضع القائم على فضائله. وهي اللحظة التي تتطلب تفكيراً من خارج الصندوق لإحداث تغيير في الوضع. وفي هذا الشأن، ينبغي الافتراض بأن الفلسطينيين كانوا سيفضلون، حتى وإن لم يعترفوا بذلك، أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين، غير أن هذا ليس هو الأمر الصحيح لإسرائيل في هذا الوقت.
  • مهما يكن، فإن ما ينبغي القيام به هو أن نضرب موجة "الإرهاب" التي ترفع رأسها بكل قوة، قبل أن تصبح انتفاضة ثالثة، وقبل أن يصبح الوضع القائم خارجاً عن السيطرة.

 

 

المزيد ضمن العدد