مخاطر تقليص الميزانية الأمنية على الجيش الإسرائيلي
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- تكشف المقارنة بين وضع إسرائيل الأمني اليوم وبين وضعها قبل "الربيع العربي" أن الذين دعوا إلى تقليص الميزانية الأمنية قبل نشوب حركة الاحتجاجات في الدول العربية كانوا على خطأ وعرضوا حياتنا للخطر، إذ إن الاعتماد على العلاقات السلمية مع مصر والأردن، وعلى الوضع القائم بيننا وبين الدول المعتدلة الأخرى من أجل تحقيق هذا التقليص، كان سيؤدي إلى خفض عدد الألوية في الجيش الإسرائيلي وسيجعل الجيش أقل تدريباً وتسلحاً، في وقت يمكن أن تنشب فيه حرب شاملة في أي لحظة.
- من الصعب دراسة الشرق الأوسط بمصطلحات جامدة، كذلك من المستحيل القول إن وجود السلام يسمح بتقليص قوة الجيش، وذلك لسببين، هما: أولاً، إمكان أن تنقلب الأوضاع في الشرق الأوسط في وقت قصير، وهذا ما حدث خلال الأشهر الستة الأخيرة، فالوضع اليوم ينذر بخطر سيطرة الإسلاميين على الحكم في مصر وسورية وعدد آخر من الدول. ثانياً، حتى في ظل السلام علينا أن نردع أعداءنا عن المبادرة إلى الحرب، لأن العداء لإسرائيل سيظل موجوداً في المنطقة لأعوام كثيرة مقبلة.
- يواجه الجيش الإسرائيلي اليوم تهديدات كثيرة ومختلفة، فهناك صواريخ حزب الله التي تهدد معظم المدن الإسرائيلية، والسبيل الوحيد لوقف إطلاق الصواريخ من لبنان في اتجاهنا هو السيطرة على الأرض. كذلك في إمكان "حماس" استهداف مناطق واسعة من إسرائيل سواء بالقصف الصاروخي أو بالعمليات الإرهابية، والحل شبيه بالحل في لبنان. وفي مقدور سورية أيضاً أن تقصف بالصواريخ كل إسرائيل، ولا يوجد طريقة لوقف هذا القصف في أثناء الحرب إلاّ عبر السيطرة على الأرض وتهديد النظام العلوي.
- من جهتها تستطيع إيران في وقت قريب تهديد إسرائيل بالسلاح النووي، إلى جانب الدعم الذي تقدمه إلى كل من "حماس" وحزب الله. ويمكن أن نضيف إلى هذا كله حالة عدم الاستقرار التي تعانيها السلطة العسكرية في مصر، الأمر الذي سيضطرنا في حال نشبت الحرب إلى إرسال قوات إلى حدودنا مع مصر من أجل الحؤول دون خرق محتمل لاتفاقية السلام.
- يستنتج من هذا كله أن الجيش بحاجة إلى زيادة ثلاثة ألوية، ومضاعفة قوة نيرانه على المدى البعيد، ورفع مستوى التدريبات بدءاً من الأفراد، وصولاً إلى هيئة الأركان العامة، كذلك يجب تدعيم الدفاع عن الجبهة الداخلية في وجه الصواريخ بواسطة شراء عتاد جديد وعصري.
- من أصل مبلغ 50 مليار شيكل هو مجموع الميزانية العسكرية للجيش الإسرائيلي، هناك نحو 11 مليار مخصصة للتطوير وللتسلح وللتدريب (نحو 2٪ من الميزانية)، أمّا ما تبقى فهو مخصص للمحافظة على قوة الجيش. من هنا فإن تخفيض نحو 2,5 مليار شيكل من ميزانية الجيش سيكون على حساب التدريبات والتسلح والتطوير، ومعنى ذلك الإضرار بنحو 20٪ من قوة الجيش الإسرائيلي.
- وسيتجلى هذا التقليص بأن يصار إلى الاكتفاء بشراء ست منظومات من القبة الحديدية، فضلاً عن تضرر مشروعي العصا السحرية وصاروخ حيتس [المخصصان لاعتراض الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى].
- ومن المهم أن نشير هنا إلى أن الميزانية التي أُقرت ستصل في سنة 2012 إلى 58 مليار شيكل. ووفقاً للحسابات فإن التقليص المقترح سيوازي نحو 9 مليارات شيكل وليس مليارين ونصف المليار، الأمر الذي سيلحق ضرراً لا يُحتمل بالقدرة الدفاعية للدولة.