نحن على المسار السريع نحو الدولة الواحدة
تاريخ المقال
المصدر
يديعوت أحرونوت
–
موقع "واينت": الملحق الاقتصادي في "يديعوت أحرونوت"
- منذ 7 أشهر، ينصبّ تركيز إسرائيل بالكامل على الأزمة الداخلية التي تغيّر شكلها. لكن برعاية هذا الانشغال الكثيف بالقضية القضائية، يتم الدفع بخطوات في الضفة الغربية تؤدي إلى تغيير الطبيعة الديموغرافية والجغرافية لدولة إسرائيل بالتدريج، وتنطوي على تحدٍّ وجودي بالنسبة إليها.
- فمنذ تأليفها، تسرّع الحكومة الحالية خطوات تدفع إلى محو الخط الأخضر، وتغيير الواقع الديموغرافي في المنطقة، وانصهار الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي. وفي هذا السياق، تبرز المصادقة على بناء نحو 12 ألف وحدة بناء في الضفة الغربية (ارتفاع جدّي نسبةً إلى الأعوام العشرة الأخيرة)؛ وتقليص مدة الحصول على الموافقة على البناء في المنطقة، بعد أن تم وضع جزء من "الإدارة المدنية" تحت صلاحية الوزير بتسلئيل سموتريتش وتقليص صلاحيات وزير الدفاع إزاء كل ما يخص البناء الاستيطاني في الضفة؛ تشريع 10 بؤر استيطانية؛ وإلغاء قانون "الانفصال" عن شمال الضفة.
- الحديث يدور عن تحقيق تدريجي لرؤية سموتريتش البعيدة المدى، وفي صلبها: فرض السيادة على الضفة الغربية، ومضاعفة الاستيطان اليهودي في المنطقة (العدد اليوم نحو نصف مليون نسمة)، وتوحيد البلدات الموجودة في الضفة مع تلك الموجودة داخل إسرائيل إدارياً، بالإضافة إلى إغفال السلطة الفلسطينية التي تُعتبر عدواً مراً.
- وبذلك، تكون إسرائيل، المنشغلة في صراعها الداخلي، في حالة اندفاع - عن وعي أو من دون وعي- في المسار السريع نحو الدولة الواحدة. هذا الواقع يحدث من دون تخطيط استراتيجي منظّم وتصريحات علنية، أو نقاش عام، بل يجري عبر الروتين اليومي المضلل المتمثل في البيروقراطية، ومن خلال شق الطرقات وإصدار التصاريح. وفي الخلفية، يبدو هناك تميّز مبالغ فيه بالدفع قدماً بـ"السلام الاقتصادي"، وفي صلبه الرؤية القائلة أنه مع تحسين نمط حياة الفلسطينيين، سيتم ضمان الاستقرار الأمني لوقت طويل، بينما ما يجري في الحقيقة هو عملية صَهر للكيانين.
- عندما يجري الحوار في إسرائيل بشأن القضية الفلسطينية، فإنه يدور على أساس أنماط سابقة هي موضع جدل بين رؤية حل الدولتين وبين الاستمرار في إدارة الصراع. وعملياً، يتم بالتدريج توسيع خط التواصل بين المجتمعين، وتزداد المسؤولية الإسرائيلية عن ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية. وبذلك، يقترب المجتمعان من نقطة اللاعودة، جغرافياً واقتصادياً وسياسياً، بحيث لا يمكن الفصل مادياً بينهما، وفي ظل هذا الواقع، سنجد أنفسنا في واقع يشبه الوضع المتأزم في البلقان.
- الأزمة الداخلية استنفدت أغلبية طاقات المجتمع، ومن الصعب التعامل مع قضية مصيرية أُخرى وجوهرية. إسرائيل المتعطشة إلى العلاج والمصالحة ستتجنب، كما يبدو، التعامل مع قضايا خلافية حادة تؤدي مرة أُخرى إلى مطالبات بالعصيان المدني، أو تنعكس سلباً على استقرار المنظومة العسكرية، كالحديث مثلاً عن تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين، وخاصة إذا كانت ترتبط بتغييرات جغرافية في الضفة الغربية.
- بعد نهاية "حرب إقامة دولة إسرائيل"، اعتبر كثيرون أن قرار بن غوريون، عدم استكمال احتلال الضفة الغربية خلال المعركة، كان "كارثياً". المصطلح نفسه يمكن تطبيقه على انعدام الحوار اليوم بشأن كل ما يخص المسألة الفلسطينية الآخذة بالتأزم، والأعوام الخمسة التي أضعناها بالصراع الداخلي، وتجاهلنا خلالها التعامل مع القضايا الجوهرية، وضمنها التهديد الإيراني وترتيب العلاقات اليهودية - العربية في إسرائيل.
- عندما تخرج إسرائيل من الأزمة الداخلية، إذا خرجت أصلاً، ستكون مختلفة عما كانت عليه سابقاً على الصعيدين السياسي والاجتماعي، وأيضاً الدبلوماسي والجغرافي. لأنها ستواجه، وهي شبه منهكة، تحديات وجودية أهم من التحديات التي تواجهها حالياً. هذا الفهم يتضمن في داخله صرخة وجودية يجب أن يعيها بالأساس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو: وضع القضايا التي تبدو مصيرية جانباً، وعلى رأسها التغييرات القضائية، وتركيز الجهود في قضايا جوهرية ستؤثر بصورة كبيرة جداً في مستقبل الدولة، وقريباً، وعلى رأسها الموضوع الفلسطيني الذي أثبت سابقاً أنه لا يمكن التهرب من مناقشته، ومن غير الممكن حسمه.