المنطقة الصناعية المخطَّط لها في شمال الضفة ستؤذي النباتات وحياة الفلسطينيين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • الأجهزة الرسمية كلها مجندة بصورة دائمة لمصلحة مشروع الاحتلال في الضفة الغربية، بينها الإدارة المدنية ومجلس التخطيط الأعلى التابع لها. وفي إطار هذه التعبئة، ينوي المجلس إعطاء الموافقة النهائية لخطة المنطقة الصناعية التي تسمى "بوابة السامرة". لكن من الأدق تسميتها بوابة الدمار، لأن هذا ما سيحدث في أراضٍ ذات أهمية بيئية كبيرة. جزء كبير من هذه الأراضي سبق أن تم الاستيلاء عليه من أصحابه الفلسطينيين بأوامر من الجيش الإسرائيلي.
  • من المفترض أن تقوم المنطقة الصناعية على أراضٍ جبلية تبلغ مساحتها 2700 دونم. وهي تقع وراء الخط الأخضر شرقي قريتيْ رأس العين وكفرقاسم، وداخل حوض ناحل رابا [أحد روافد نهر العوجا]. وهذه المنطقة نجت حتى الآن من البناء والتطوير، وتوجد فيها مناطق مفتوحة غنية بالنباتات والحيوانات، وهذه معجزة في واقع لم نترك فيه مكاناً للطبيعة، وهي جزء من ممر بيئي ذي أهمية محلية وقُطرية، يسمح بتنقّل الحيوانات البرية وتوزّع النباتات، ويشكل شرياناً حيوياً للطبيعة. وتوجد فيه مئات الأنواع من الحيوانات، بينها تلك التي تنفرد بها إسرائيل، والمعرضة لخطر الانقراض، بالإضافة إلى العديد من أنواع الطيور الجارحة. ومن بين الحيوانات المحلية النادرة في العالم، الغزال الإسرائيلي الذي يظهر في قطعان تضم المئات منه.
  • أهمية الأرض وقرب المنطقة الصناعية من المدن خلقا جبهة معارضة متنوعة جداً للخطة. وهذا الأسبوع، انتهت مدة تقديم هذه الاعتراضات إلى مجلس التخطيط الأعلى. من بين المعترضين نجد بلديتيْ كفرقاسم ورأس العين، وسلطة الطبيعة والحدائق، وجمعية الدفاع عن الطبيعة، وسكان إسرائيليين من المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، جرى تقديم اعتراضات من جمعية "دعونا نعيش معاً" وبعض منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، بينها منظمة الدفاع عن الحقوق المدنية في إسرائيل، وثلاثة أعضاء في منظمة "مُناخ واحد"، والمنظمة البيئية "إيكوبيس الشرق الأوسط". بالإضافة إلى اعتراض سكان قرية الزاوية الذين يملكون الأرض.
  • التخوف الكبير والمحق لدى المعترضين هو أن البناء المخطَّط له حالياً سيدمر الحياة البرية، وسيُلحق الضرر الكبير بدور الممر البيئي. وإذا أضفنا إلى ذلك بناء مقبرة بالقرب من ناحل رابا، ومن المنطقة الصناعية، فإن ما يجري الحديث عنه هو ضرر تراكمي لا عودة عنه.
  • تضمنت إجراءات الموافقة على الخطة تقريراً درس تأثير المشروع في البيئة، من المفترض أنه يقدّر التداعيات التي ستكون للبناء. وبحسب نتائج هذا التقرير، يمكن تنفيذ الخطة من دون إلحاق ضرر كبير بالطبيعة. الاعتراضات التي قدمتها سلطة الطبيعة والحدائق على الخطة تضمنت انتقادات لهذا التقرير الذي يتجاهل أهمية المنطقة والأضرار التي ستلحق بها. وفي رأي السلطة، التقرير هو "ادّعاءات كاذبة وغير دقيقة".
  • الجهات التي من المفترض أن تدافع عن البيئة في المنطقة هي هيئة المحافظة على نوعية البيئة والمحافظة على الطبيعة في الإدارة المدنية، لكنها هي أيضاً تجندت لمصلحة الخطة، ووافقت على نتائج التقرير، مع بعض الملاحظات والتغييرات التي لا تغير شيئاً في جوهر تأثير الخطة في المنظومة البيئية. وزارة البيئة قدمت وجهة نظر نقدية للخطة، لكن ليس لديها صلاحيات ما وراء الخط الأخضر، لذلك، ليس لوجهة نظرها أي تأثير حقيقي.
  • خطة بوابة السامرة لا تشكل فقط خطراً بيئياً هائلاً، بل هي أيضاً تفتقر إلى التخطيط كما تشير بلدية رأس العين وجمعية "التخطيط المدني" في اعتراضاتهما. وبحسب هؤلاء، يوجد في داخل الخط الأخضر مساحات كبيرة لمناطق صناعية قريبة من المنطقة المقصودة، وجزء كبير من هذه الأراضي غير مستخدَم. كما يوجد هناك أيضاً مشكلة أُخرى، فما يجري هو إقامة منطقة صناعية في أراضٍ محتلة، الأمر الذي قد يخلق مشكلة للصناعات التي تعتمد على التصدير.
  • في نهاية النقاش الذي جرت خلاله الموافقة على خطة المنطقة الصناعية، قال يوسي داغان رئيس المجلس الإقليمي في السامرة، وهو من مؤيدي المشروع: "بالإضافة إلى أن المشروع يؤمن فرص عمل في كل منطقة السامرة، فإن المنطقة الصناعية هي أيضاً ركيزة اقتصادية استراتيجية، كما سنحظى بلحظة صهيونية حقيقية." عملياً، ما يجري هو تجسيد لقوة الاحتلال وتعزيز منطقه الاقتصادي. فرجال الأعمال سيستفيدون من اليد العاملة الفلسطينية الرخيصة، ومن التسهيلات التي تقدَّم إلى المناطق الصناعية الواقعة وراء الخط الأخضر، وسيحصل المجلس الإقليمي للمستوطنين على عائدات ضريبية دسمة.
  • كل هذا على حساب المنظومة الإيكولوجية الفريدة في نوعها والمنظر الطبيعي وحقوق السكان الفلسطينيين. فالأرض أرضهم، وأُخذت منهم في الأساس من أجل حاجات أمنية، والمشروع سيساهم في إغناء المستوطنات. يجري هذا كله من دون أن يكلف أحد نفسه عناء التفكير في رأي الفلسطينيين. صحيح لا يزال هناك مجال لتقديم اعتراضات الآن، لكن الذي سيناقشها هو المجلس الأعلى للتخطيط الذي يعمل منذ أعوام طويلة من أجل مصالح أُخرى.
 

المزيد ضمن العدد