لا يجب ترك السلطة الفلسطينية لـ"حماس"
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

– قناة التلفزة الإسرائيلية
  • العمليات التي جرت مؤخراً في حوارة وجنوبي جبال الخليل، وأيضاً عمليات إطلاق النار قبل شهر، وقبل شهرين في "عيلي"، نفّذها نشطاء من حركة "حماس"، وهي تشير إلى تعاظُم قوتها في المنطقة. أجهزة الأمن بقيادة وزير الدفاع يوآف غالانت تعمل ضد "حماس"، وتحمّل إيران المسؤولية، وفي الوقت نفسه، تعمل على تقوية السلطة الفلسطينية. موقف المؤسسة الأمنية لا ينبع من حب الفلسطينيين، إنما من فهم أن مَن يحرك الأمور الآن هي التنظيمات "الإرهابية"، وانهيار السلطة الفلسطينية معناه خلق فراغ سيسمح لهذه التنظيمات بأن تكبر وتنمو.
  • بعد شهر، سيحل عيد رأس السنة اليهودية، وهو يوم يتميز بصعود اليهود إلى حرم المسجد الأقصى، الأمر الذي يمكن أن يزيد في التوتر، وضمنه استفزازات من غزة. وتحضيراً لهذه الفترة المتوترة، يجب تعزيز أجهزة الأمن التي تعمل بقوة لإحباط "الإرهاب"، وتشجيعها على الاستمرار في العمل بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، وتقليل الأصوات الصادرة عن السياسيين في الخلفية.
  • للتذكير، بدأت هجمة "إرهاب" فلسطينية قبل سنة ونصف، مصدرها مناطق السلطة، دفعت إلى عملية "كاسر الأمواج" - دخول أكثر لقوات الجيش إلى مناطق (أ) الموجودة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، بغرض تنفيذ اعتقالات مسلحين وضبط أسلحة. بعد وقت قصير على بدء العملية، بدأت ظاهرة جديدة سُميت باسم التنظيم الأكثر شهرة - "عرين الأسود". تميزت هذه الظاهرة بأنها جمعت شباناً فلسطينيين لديهم انتماءات سياسية متنوعة، عملوا ضد أهداف إسرائيلية، بالأساس في شمال الضفة. ظاهرة "عرين الأسود" قدمت غطاء جيداً للتنظيمات "الإرهابية" لأنه لم يتم التعامل مع عناصرها كمسؤولين، والجيش كان مشغولاً بإحباط قيادة ونشطاء هذه الكتائب الجديدة التي تصاعدت قوتها الميدانية. بالنسبة إلى قيادات "حماس"، لم يزعجها أن تتبنى كتيبة جنين أو كتيبة طولكرم مسؤولية العمليات، وعملياً، كان هذا غطاء للنشطاء من كافة الفصائل، والذين عملوا بشكل مشترك ضد العدو - إسرائيل.
  • إيران أدركت الإمكانات الكامنة والضرر الذي يمكن أن تشكله هذه الكتائب، ووجدت طرقاً لنقل وتمويل شراء السلاح والذخيرة، حتى أنها وجّهتها لتنفيذ عمليات. صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" والمسؤول عن نشاط الحركة في الضفة، ويسكن اليوم في بيروت، على علاقة بقيادات حزب الله وإيران. هذه الكتائب حازت اهتمام الجيش والمجتمع الفلسطيني والساحة الدولية. أما السلطة الفلسطينية فامتنعت من إضعافها بسبب شعبيتها، وإسرائيل استمرت في العمل بكثافة، حتى أنها خاضت عملية "بيت وحديقة" في شهر تموز/يوليو؛ بعد العملية، وصل إلى مخيم جنين وفد من السلطة لتقديم العزاء والمشاركة في جنازات "القتلى"، وكان على رأسه قيادات من "فتح"، فتم طرد الوفد في مشهد مخجل. لقد كانت لحظة إنذار لأبو مازن، وفي الأسابيع الأخيرة، تقوم أجهزة الأمن التابعة للسلطة بالكثير من العمليات في المناطق التي تعاني جرّاء النقص في السيادة، وضمنها في مخيميْ اللاجئين جنين وبلاطة. الأجهزة عادت للعمل في الوقت الذي كان يعمل الجيش بالموازاة، ويبدو أن التنسيق كان عالياً.
  • تصاعُد العمليات "الإرهابية" التي تقوم بها "حماس" هو تعبير عن معارضة الخطوات التي يدفع بها أبو مازن لتعزيز سيطرته الميدانية. وبتأخير كبير، انتهجت إسرائيل من جديد سياسة تقضي بالعمل على تقوية السلطة على الرغم من محاولات الوزيرين سموتريتش وبن غفير الدفع بسياسات مختلفة. في بداية ولايتهما كان تأثيرهما أكبر، لكن يبدو الآن أن رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع غالانت عادا إلى القيادة. فهما يدركان، وكذلك أجهزة الأمن أيضاً، أن انهيار السلطة معناه تقوية "حماس" في الضفة الغربية وزيادة التهديد للمراكز السكانية الإسرائيلية. ومن أجل الأهمية الاستراتيجية للضفة، فإن محاولة سيطرة "حماس" عليها كما جرى في غزة، ستدفع إلى إعادة احتلال المنطقة من جديد على يد الجيش وعودة إلى السيطرة المباشرة على ملايين الفلسطينيين. لذلك، أوصى مجلس الأمن القومي بعدم الدفع بخطة سموتريتش لتقوية الاستيطان في الضفة الغربية - لأنها ستُضعف السلطة جوهرياً، وتزيد حدة  الاحتكاك بين المجتمعيْن، وتُعاظم  دعم "الإرهاب" في أوساط الفلسطينيين.

وفي مقابل دعم السلطة الفلسطينية، حان الوقت للبحث في سياسة الفصل مع قطاع غزة، ووفقاً لها، تستطيع "حماس" تسخين جبهة والحفاظ على الهدوء في منطقة أُخرى يخدمها الهدوء فيها: في الوقت الذي يتقدم التطوير المصري والدولي لقطاع غزة لتحسين الوضع الإنساني، تقوم "حماس" بالتجنيد والتسليح في الضفة، من دون إلحاق الضرر بالمصالح المركزية للتنظيم، أو بقيادته الموجودة في غزة. وفي الوقت نفسه، تقوّي "حماس" علاقاتها بإيران، وتتمركز في مخيمات اللاجئين في الجنوب اللبناني، وأيضاً تعمل على تقوية العلاقات مع سورية الأسد، وبذلك تهدد إسرائيل أيضاً من الجبهة الشمالية. في هذا الوقت بصورة خاصة، يجب توحيد الجهود مع السلطة الفلسطينية التي تُظهر استعدادها لتحسين قدراتها أكثر فأكثر، والعمل معها ضد التنظيمات "الإرهابية". وهذه العملية لا يجب أن تجعلنا نتجاهل ما يحدث في قطاع غزة، ويجب تدفيع "حماس" الثمن هناك، لكن من المهم التذكير بأن تدفيع "حماس" الثمن يمكن أن يؤدي إلى جولة قتالية أُخرى - لذلك، يجب على إسرائيل أن تكون جاهزة لها مع استراتيجيا مختلفة عن الجولات السابقة.

 

المزيد ضمن العدد