الشاباك حذّر المستوى السياسي من احتدام الوضع وسط الطائفة الدرزية

فصول من كتاب دليل اسرائيل

المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • الأزمة بين الطائفة الدرزية وبين الدولة عميقة وحادة، وهي ليست محصورة في تجدُّد الخلاف بشأن مسألة وضع توربينات هوائية بالقرب من القرى الدرزية في هضبة الجولان. إن تفاقُم الخلاف مع الدروز له علاقة بانتشار الجريمة في إسرائيل، وبالأداء الفاشل للحكومة الحالية. والصورة كلها تُقلق القيادة الأمنية التي تتخوف من زعزعة العلاقات مع الطائفة، ومن احتمالات انزلاق العنف الواسع، ومن الضرر المتوقع الذي يمكن أن يلحق بمساهمة الدروز في أمن الدولة.
  • توقفت أعمال إقامة التوربينات الهوائية في شمال الجولان في حزيران/ يونيو الماضي جرّاء الاحتجاجات العنيفة التي قام بها السكان الدروز في القرى المجاورة، والتي جُرح خلالها عدد من المتظاهرين في مواجهات مع الشرطة. حينها، أمرت الحكومة بوقف الأعمال، ومنذ ذلك الوقت، تجري اتصالات لإيجاد صيغة لاستئنافها. رئيس الحكومة يتدخل في هذه العملية من خلال مستشار الأمن القومي تسحي هنغبي وسكرتيره العسكري اللواء آفي جيل.
  • في الأسبوع الماضي، تحدثت غيلي كوهين من محطة "كان" عن تجدُّد العمل في مطلع الأسبوع الحالي. ومرة أُخرى، أثار الخبر عاصفة وسط الطائفة الدرزية، واستمرت الاتصالات بشأن الموضوع، لكن الحكومة مضطرة إلى فرض استئناف العمل بسبب التزامات قانونية حيال الشركة المنفّذة.
  • الإحباط الذي تشعر به الطائفة الدرزية أوسع بكثير من القضية الحالية، وهو يتراكم على مرّ السنوات. وأُضيفَ إلى الخلاف في الجولان الغضب العميق جرّاء مقتل 4 من أبناء الطائفة في قرية أبو سنان في الأسبوع الماضي، وازدياد أعمال القتل والجريمة في القرى الدرزية، والتي لها علاقة بانتشار سيطرة عائلات الجريمة على المجتمع العربي. وفي الحالة الدرزية، فإن المقصود بالأساس عائلة أبو - لطيف. زعيم العائلة اعتُقل مرة أُخرى بشبهة تورُّطه في السيطرة على مناقصات للبناء تابعة للمؤسسة الأمنية. واعتُقل أيضاً في هذه القضية رئيس مجلس قرية راما.
  • وتشير التحقيقات الأولية إلى أن جريمة القتل في أبو سنان لها علاقة بالخلافات بين أبو لطيف وعائلة أُخرى لها علاقة بالجريمة. معظم الضحايا الذين سقطوا لا علاقة لهم بالمواجهة، على ما يبدو، وتواجدوا بالصدفة في المكان. لكن ما جرى في القرى الدرزية في العقد الأخير هو بمثابة إنذار لِما هو قادم في شتى أجزاء الدولة. والمقصود ليس معارك إطلاق نار بين مجرمين فقط، بل أيضاً هناك شبهات للسيطرة بالقوة على السلطات المحلية ونهب الأموال التي تصلها من الدولة. يوجد صمت في البلدات العربية، خوفاً من أعمال عنف ضدهم إذا تجرأوا على الكلام، وتشك الشرطة والنيابة العامة في أن المنظمات الإجرامية تحاول القيام بخطوة أبعد من ذلك، ترمي إلى توسيع نفوذها بواسطة استخدام موظفين في الدولة كعملاء لها للدفع قدماً بشؤونهم في وزارات حساسة مختلفة.
  • الحنق والخوف نتيجة تصاعُد الجريمة أضيف إليهما الغضب من الدولة بشأن مسألتين: قانون القومية الذي أقرّته حكومات نتنياهو السابقة في سنة 2018، على الرغم من المعارضة الدرزية الشاملة؛ وقضية الأراضي. يشعر الدروز بأن الدولة تقلّص، عن قصد، البناء في البلدات الدرزية من خلال فرض غرامات هائلة على مخالفات البناء، بينما تسمح باحتفالات في البناء في المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، حتى عندما تكون غير قانونية. مجرد وجود هذه المقارنة لدى الدروز يدل على تبدُّل: أعضاء كنيست من الطائفة توزعوا بين أحزاب اليمين والوسط واليسار، وبذل أغلبهم الجهد كي لا ينجروا إلى الخلاف بشأن الموضوع الفلسطيني.
  • ونظراً إلى أن الطائفة الدرزية صغيرة نسبياً، ونموها الطبيعي ضئيل للغاية، فإن حاجات البناء في القرى تتأرجح بين قرابة ألف وحدة سكنية جديدة في السنة. الصعوبات القانونية والبيروقراطية المتعلقة بتصاريح البناء وأوامر الهدم تثير شعوراً بالقمع، وهذا يزداد عندما يكون المقصود أوامر من المؤسسة الأمنية. مؤخراً، ثارت عاصفة بشأن أمر بوقف العمل ضد ضابط رفيع المستوى في الاحتياط، خدم سنوات طويلة في الاستخبارات العسكرية، بعد أن بدأ بإعداد أرضه للبناء.
  • كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية يدركون جيداً العاصفة المتصاعدة وسط الدروز وإمكانية أن تصل إلى اشتباك واسع النطاق مع الدولة، وعبر اشتعال جولات مواجهة محدودة - مثل التوربينات الهوائية في الجولان، أو خلاف على هدم منزل في قرية في الجليل. رئيس الأركان هرتسي هليفي ورئيس الشاباك رونين بار تناولا التوترات في عدد من المناسبات، وشددا أمام المستوى السياسي على خطر نشوب احتكاكات. وثمة خوف في الجيش من أن يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بالحافز على الخدمة في الجيش في الطائفة التي لها اليوم مساهمة بارزة في الوحدات القتالية، وفي الاستخبارات العسكرية، وفي منظومات مختلفة، وفي أذرع استخباراتية أُخرى. قبل عدة أشهر، جرى ترتيب لقاء بين ضباط دروز وبين نتنياهو، عرضوا أمامه مطالبهم.
  • حتى الآن، يبدو أن الحكومة تواجه صعوبة، كما في مجالات أُخرى، في تقديم حلول للمشكلات الآخذة في التفاقم. تدهور العلاقات مع الدروز يمكن أن يحدث في موازاة الأزمة المتصاعدة في المجتمع العربي، في ضوء الارتفاع الهائل في الجرائم التي وقعت هناك هذه السنة.

......

 

المزيد ضمن العدد