ثورة علمانية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • ما جرى في ساحة ديزنغوف في تل أبيب عشية يوم الغفران لا علاقة له بحُرية الدين. أشخاص من منظمة "رأس يهودي" يصرّون على الصلاة من خلال الفصل بين الرجال والنساء في الأماكن العامة، هم لا يتصرفون بحُسن نية. وما يريدون إقامته ليس طقساً دينياً، بل عملاً سياسياً.
  • كفى سخافة. أعضاء المنظمة الذين يتماهون مع التيار الحردلي في حزب الصهيونية الدينية، يدفعون قدماً بأجندة سياسية تريد تحويل إسرائيل من دولة ديمقراطية إلى دولة دينية، عبر أسلوب الضمّ الزاحف. وهم يستغلون القيم الليبرالية ببشاعة، بحجة أن الجمهور الليبرالي مجبَر على "احتواء" و"احترام" معتقدات وزعامات غير ليبرالية، مثل الفصل بين الرجال والنساء في الأماكن العامة.
  • بعد أعوام من اللامبالاة والسذاجة، يوضح الاحتجاج الجديد للعلمانيين بصورة كبيرة أن الجمهور استيقظ، ولن يقف متفرجاً على محاولة استبدال القيم الليبرالية الديمقراطية بشرائع دينية. مئات المتظاهرين منعوا إقامة صلاة فصل جندري في ساحة ديزنغوف، مساء يوم الغفران، وهزّوا السواتر التي استُخدمت في شتى أنحاء المدينة للفصل بين الرجال والنساء، هم لم يفعلوا ذلك للمسّ بحُرية الدين والمصلّين، بل دفاعاً عن الحيّز العام ضد محاولة عدائية للسيطرة عليه.
  • لقد تصرّف أعضاء منظمة "رأس يهودي" بطريقة تتعارض مع الترخيص الذي حصلوا عليه من البلدية، وبعكس أحكام محكمتين. القاضية هداس عوفديا، من المحكمة المركزية في تل أبيب، شددت على أن الصلاة بحد ذاتها ليست ممنوعة بتاتاً، بل فقط الفصل، "وساحة ديزنغوف ليست بين الأماكن المقدسة لليهود." وجاء في الحكم أن البلدية لا تملك صلاحية تسمح للآخرين" بفرض الفصل الجندري، وأن هذا يُعتبر انتهاكاً للحقوق الأساسية، ويتطلب موافقة قانونية. مؤيّدو الفصل لم يتراجعوا، بل استأنفوا ضد القرار أمام المحكمة العليا التي أقرّت الحكم الصادر عن المحكمة المركزية في تل أبيب. وكتب القاضي يتسحاق عميت: "ممنوع الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة، وساحة ديزنغوف هي أبرز مثال لماهية المجال العام." وعلى الرغم من ذلك، فإن المبشّرين من ’رأس يهودي’ قرروا تخصيص ساعات قبل يوم الغفران للقيام بعمل سياسي وأقاموا السواتر."
  • وبدلاً من تنفيذ تعليمات القضاة، فإن الشرطة تجاهلتها، واعتقلت متظاهراً حاول إزالة السواتر ومنع الصلاة التي تفصل بين النساء والرجال. وحتى البلدية تجاهلت ما يحدث، وهذا مؤشر مُقلق بشأن الآتي.
  • أمس، عاد نتنياهو إلى مهمة التحريض التي عُرف بها، وقال: "متظاهرو اليسار قاموا بأعمال شغب ضد اليهود." وهدّد إيتمار بن غفير بإقامة صلاة في ساحة ديزنغوف يوم الخميس.
  • هذه المعركة على صورة إسرائيل، والسبيل الوحيد للانتصار فيها هو النضال على الأرض، كما فعل المتظاهرون الذين منعوا أمس إقامة صلاة تفصل بين الجنسين في تل أبيب وحيفا وزيخرون يعقوب، وفي مدن أُخرى. لا مجال للتساهل في مواجهة قوى تدفع قدماً بالتفوق اليهودي والذكوري. هذا لا يمكن أن يمرّ.