أطلقوا النار على الفتى واعتقلوه وهو مصاب
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • قبل أسبوع تقريباً، قُدمت لائحة اتهام ضد فتى في الرابعة عشرة من عمره بسبب حيازته زجاجة حارقة في حيّ سلوان في القدس الشرقية. ووفقاً لِما نُشر، خرجت قوة من حرس الحدود في عملية تنفيذية خلال الليل في الحيّ، وشاهدت في أزقته فتى، فأطلقت النار عليه واعتقلته وهو مصاب. قبل أسبوع، جرى تقديم بيان، ولائحة الاتهام على الطريق.
  • في وقت سابق من هذا العام، جرى اعتقال محمد عليوات (13 عاماً)، ويسكن أيضاً في حيّ سلوان في القدس الشرقية، بعد إطلاقه عيارات نارية على المارّين في المدينة. وأغلقت قوات الأمن منزل عليوات عقاباً على ما فعله. وكوننا أهلٌ لفتيات وفتية، فإن قلوبنا تنفطر لدى سماعنا هذه الأخبار القاسية التي يتورط فيها هؤلاء الفتية الصغار.
  • عندما يسألوننا، في إطار نشاطنا في منظمة "أهل ضد اعتقال الأولاد"، عن تعامُلنا مع فتيان فلسطينيين يقومون بأعمال خطِرة ومُخلّة بالأمن، فنجيب بأن مسألة حقوق الأولاد الفلسطينيين الذين يرتكبون أفعالاً جنائية لا علاقة لها بالتهمة أو بالبراءة. أحياناً، وفي حالات نادرة، هناك أوضاع تضطر فيها القوى الأمنية إلى إلقاء القبض على أولاد قاصرين. وفي كل أنحاء العالم، هناك أولاد يقعون في مشكلات مختلفة مع القانون. ولهذه الحالات، تحديداً، وُضع "قانون الشباب (المحاكمة والعقوبة وطرق المعالجة)"، كما وُضعت الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي تشتمل على مبادىء وقيم يجب تطبيقها في الحالات التي لا يكون فيها خيار آخر، وهناك حاجة إلى تطبيق القانون على القاصرين. يجب دائماً المحافظة على الدفاع عن القاصرين وحقوقهم، سواء أكان ذلك مناسباً أم لا.
  • لكننا نشعر بالحاجة إلى قول بعض الكلمات من أجل توضيح الصورة المعقدة. وُلد محمد عليوات ونشأ في حيّ سلوان. وكذلك الشاب الذي لم تتوضح تهمته في المحاكم. ومن أجل فهم طبيعة المشهد في مسقط رأسهما، يجب زيارة الحيّ، وأن نرى ونسمع من أفواه سكان وساكنات الحيّ من الفلسطينيين عن المضايقات والظلم ومحاولات طردهم، التي يقوم بها مستوطنو مدينة داود بمساعدة الدولة وأذرعها المختلفة. ويعاني الحيّ في النهار والليل جرّاء تعديات المستوطنين والجنود والشرطة وحرس الحدود. كل هؤلاء يستطيعون في أيّ لحظة اعتقال فلسطينيين، وإطلاق النار، والقمع بطرق مختلفة، وتهديد حياة السكان والأولاد الذين يعيشون في الحيّ.
  • كل أب لولد في الثالثة عشرة من عمره يعرف أنه كي يخرج هذا الولد إلى الشارع ويقوم بأعمال "متطرفة"، مثل إطلاق النار ورشق زجاجة حارقة ويخاطر بحياته، يجب أن تكون ظروف حياته صعبة للغاية. مَن يعيش في حيّ سلوان، يعيش في ظل ظروف صعبة ومؤلمة وقاسية ومحبطة ويائسة.
  • من واجبنا كمجتمع النظر إلى ظروف الحياة هذه، وأن نجيب بصدق: هل نستطيع أن نتوقع من الأولاد التصرف بطريقة أُخرى في ظل هذا الواقع من القمع العنيف؟ وهل نتوقع أن يمتنعوا من القيام بدور في المعارضة الفعالة ضد القامعين؟
  • لا يمكن اتهامنا بأننا ندعم الأعمال "الإرهابية" والعنف. ما نسعى له هو إخراج الأولاد كلهم من النزاع للسماح لهم بالنضج والنمو بصورة صحية أكثر، جسدياً وعاطفياً. والخبر المحزن أنه ما دام الاحتلال والنهب والقمع والتفوق اليهودي قائماً، فإن الأولاد يشكلون جزءاً من الدائرة الدموية. هم ضحايا، لذا يجب علينا ألّا نشيح بأبصارنا عمّا يمرّون به، وعن الواقع الذي يعيشون فيه.
  • لمواجهة الأخبار الصعبة بشأن أولاد في عمر أولادنا، حاولوا، ويستمرون في محاولة الهجوم على المحتلين، يجب علينا أن ننظر إلى الواقع، وأن نفهمه. ومن دون التزامنا حيال الأولاد، كل الأولاد، بالمحافظة على سلامتهم بالمفهوم الواسع والعميق للكلمة، فإن الصورة تبقى جزئية جداً ومهتزة، ومن دون رؤيا تساعد على تغييرها.