معضلة إيران: هل ينبغي توريط حزب الله في مواجهة مع إسرائيل؟
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- حملة "السيوف الحديدية": مسألة التورط الإيراني في الهجمة المفاجئة التي شُنَّت على بلدات غلاف غزة، هي واحدة من القضايا الرئيسية، هذا إن لم تكن القضية الأهم التي ترددت أصداؤها منذ اندلاع الحرب
- مبدئياً، علينا أن نكون قادرين على التمييز بين "حماس" وحزب الله: هنالك دعم وتنسيق قائمان بين إيران و"حماس"، إذ إن مقاتلي "حماس" لا يمكنهم تنفيذ هجمة من هذا النوع من دون توفُّر الدعم التقني، والتدريبي، والنظرية القتالية، الآتية من إيران. تُعتبر الهجمة تعزيزاً للتنسيق في محور المقاومة- "حماس"، وحزب الله، والحرس الثوري الإيراني- ومن الواضح أن ممثلي هذا المحور تحدثوا عن مخططات عملانية تنفيذية.
- ومع ذلك، فالعلاقة القائمة بين "حماس" وإيران، ليست علاقة بين رئيس ومرؤوس، أو مقدّم خدمات وزبون. فإسماعيل هنية الموجود في قطر، والسنوار في غزة، لا ينتظران تلقّي اتصال من قائد فيلق القدس، أو الحرس الثوري. هؤلاء يحصلون على دعم من إيران، وهناك تدخُّل منها، لكن لـ"حماس" مصالح مستقلة. أغلبية المصالح جرى تنسيقها بين الطرفين، لكن بخلاف "حماس" التي لا تفكر سوى في الساحة الفلسطينية، فإن لإيران نظرة أوسع.
- أما حزب الله، فهو بعكس "حماس"، أكثر التزاماً تجاه إيران. إذ يعتبر نصر الله نفسه ممثلاً لخامنئي في لبنان. وعلى الرغم من أن لحزب الله مصالح مستقلة خاصة به بالطبع، فإن التزام هذا التنظيم اللبناني تجاه إيران أكبر بكثير من التزام "حماس". ومثل هذا الواقع يؤثر تأثيراً مباشراً في أهم الأسئلة في هذه المرحلة: ما هي تدرّجات التصعيد التالية، من وجهة نظر إيران؟
- عندما يقول وزير الخارجية الإيراني إن المصلحة تقتضي إنهاء المعركة، فأنا أصدّقه. فلو انتهت المعركة الآن، لكانت إيران في صورة المنتصر: بعد أن تلقت إسرائيل ضربة قاسية، ولم تتضرر "حماس" تقريباً، ولم يتم ضرب حزب الله، وبات في إمكان إيران الحفاظ على أرصدتها الاستراتيجية من دون أن تدفع ثمن الضربة.
- لكن إيران تدرك أن هذا لن يحدث، وأن إسرائيل ستضرب "حماس" بقوة. وفي مثل هذه الحالة، سيكون الإيرانيون أمام معضلة صعبة. وهذا هو التفسير لضبابية ردات فعلهم حتى الآن، على غرار قولهم إن "المقاومة ستردّ، لكن هذا الرد لن يكون بالضرورة مقتصراً على حزب الله،" أو "لن نتدخل في الأمر بأنفسنا." في رأيي، لا يزال الإيرانيون غير واثقين بكيفية ردّهم في حال اتسع نطاق المعركة.
- في تقديري، لن تتدخل إيران بصورة مباشرة، إلّا في حال انزلقنا إلى سيناريو متطرف، يتمثل في صراع شامل يكون الأميركيون طرفاً فيه. من المعروف أن الإيرانيين يفضلون العمل من خلال التنظيمات الدائرة في فلكهم ("حماس"، وحزب الله، وربما أيضاً الميليشيات الموالية لإيران في كلٍّ من سورية والعراق). بالنسبة إلى الإيرانيين، الهجوم على غزة ليس سوى بداية الخط الأحمر. وما دامت "حماس" تحتفظ بالقدرة على مقارعة إسرائيل، نوعاً ما، فليس هناك أيّ دافع لدى إيران لتعريض أرصدتها الاستراتيجية الأُخرى للخطر، وعلى رأسها حزب الله. لكن، ما الذي قد يُحدثه سيناريو يؤدي فيه الاجتياح البري الإسرائيلي إلى دفع "حماس" إلى الزاوية، بحيث يتعرض بقاؤها في غزة لتهديد وجودي؟ هذا هو السؤال الأهم. وفي مثل هذا الوضع، سيكون الإيرانيون أمام خيارين، أحدهما سيئ، والآخر أسوأ منه.
- يتمثل الاحتمال الأول في الإبقاء على الوضع كما هو عليه، من دون الدخول في مواجهة شاملة بواسطة حزب الله. مشكلة هذا السيناريو، من ناحية إيران، أنه تعبير عن الضعف. إذ ستظهر التصدعات في سردية "وحدة جبهة المقاومة". سوف يتم طرح أسئلة، في الوقت الذي تواجه حركة "حماس" خطراً وجودياً، من دون أن تقوم إيران بأيّ ردّ تقريباً، وهذه الأسئلة ستتمحور حول مدى التزام إيران تجاه حلفائها. أمّا السيناريو الأكثر إشكاليةً، فيتمثل في دفع حزب الله إلى المعركة، والثمن الباهظ الذي سيُجبَر على دفعه، وهو ما سيُلحق ضرراً بقدرة الردع الإيرانية. يتمثل دور حزب الله في أن يكون رادعاً حقيقياً ضد إسرائيل في سيناريو "يوم القيامة"، والذي يتمثل في مهاجمة المنشآت النووية في إيران.
- لست على يقين من أن إيران تعرف ما الذي يجب عليها فعله. في تقديري، إن فرصة استخدام إيران لحزب الله، بهدف إنقاذ "حماس"، ليست كبيرة حتى الآن. إن الدعم الأميركي المقدم إلى إسرائيل في هذا الصدد، هو عامل مؤثر ورادع بكل تأكيد. والتهديد الأكبر يكمن في قيام إسرائيل بعملية ناجعة ضد حزب الله، وخصوصاً في ظل وجود دعم أميركي للقيام بذلك.