امتحان الردع الأميركي في الشرق الأوسط: هل ستحافظ الولايات المتحدة على مكانتها؟
تاريخ المقال
المواضيع
المصدر
- خلال انتخابات أيلول/سبتمبر 2019، أيّد نتنياهو اتفاق دفاع رسمياً مع الولايات المتحدة، حتى أن الرئيس دونالد ترامب غرّد بأنه اتفق مع نتنياهو على البحث في الموضوع بعد الانتخابات. هذا لم يتم. ومنذ الهجوم "الإجرامي" لـ"حماس" والجهاد، وهجمات سلاح الجو على البنى العسكرية والمدنية الخاصة بهما في غزة، تعمل الولايات المتحدة كأنها وقّعت اتفاقاً دفاعياً مع إسرائيل. لطريقة العمل هذه حسنات وسيئات. في هذه المرحلة، يتم التعبير عنها بالأساس عبر معادلات ردع إيران وحزب الله، في مقابل قيود على العمليات العسكرية في غزة وتدخلات في مسار اتخاذ القرارات في إسرائيل.
- زيارة الرئيس الأميركي إلى مناطق حرب هو أمر نادر جداً بسبب الحسابات الأمنية والسياسية. والهدف منها إرسال رسالة إلى الأعداء، وأيضاً إلى الأصدقاء. ففي شباط/فبراير الماضي، وبمناسبة مرور عام على الحرب في أوكرانيا، زار بايدن كييف كي يعبّر عن التزام الولايات المتحدة بمساعدة أوكرانيا في الحرب والاستمرار في تجنيد الدول الأوروبية من أجل ذلك. نتنياهو وجّه دعوة إلى بايدن، وبعد أن جهّز بلينكن الزيارة، وكان هناك بعض التفاهمات مع إسرائيل على أمور أساسية، قرر بايدن زيارة البلد، وأيضاً لقاء قيادات المنطقة، لتبادُل الآراء في الحرب، وكيف يمكن إنهاؤها.
- عرض بايدن السياسة الأميركية خلال خطابه إلى الأمة، وفي مقابلة معمقة مع قناة سي بي إس، وخلال لقاء مع قيادات الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. الهدف الأساسي الاستراتيجي لبايدن، وأيضاً التعبير الأوضح عن الحلف الدفاعي، هو ردع إيران وحزب الله عن فتح جبهة ثانية في الشمال من طرفهم، ولكن أيضاً من طرف إسرائيل. فخلال الانتخابات الرئاسية الأميركية، بايدن لا يريد حرباً إقليمية تضاف إلى تلك التي تجري في أوكرانيا. لذلك، هو يحذّر، وأرسل حاملتيْ طائرات، واحدة في مقابل السواحل اللبنانية والثانية إلى الخليج الفارسي، بالإضافة إلى 2000 مظلي. وأيضاً، بحسب مصادر إعلامية، فإن بايدن أرسل رسائل تهديد مباشرة إلى إيران، عبر طرف ثالث. فشلُ الردع الأميركي يضع الولايات المتحدة أمام امتحان صعب كقوة عظمى.
- عرّف بايدن "حماس" و"الجهاد" بأنهما "منظمتان إرهابيتان" أسوأ من "داعش"، وأضاف أنهما يشكلان خطراً على الأمن القومي للولايات المتحدة والعالم. ويرى أنهما ينتميان إلى "محور الشر" التابع لإيران وروسيا والصين، والذي يهدد مكانة الولايات المتحدة في العالم. لذلك، يجب إبادتهما. وإن كان هناك نقاش، فإنه في الوسائل، وليس في الهدف.
- ولتحسين قدرة إسرائيل على الاستمرار عسكرياً، أرسل بايدن جسراً جوياً ممتلئاً بالأسلحة المتقدمة والمعدات. وبعد زيارته إلى إسرائيل، يخطط لزيارة الأردن، حيث كان من المقرر أن يلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي والملك الأردني عبدالله ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، للبحث معهم في أهداف الحرب الإسرائيلية - الأميركية وحلّ عربي ممكن للقطاع بعد الحرب. ومن المحتمل أيضاً أن يذهب إلى السعودية للبحث في إمكانية تدخُّلها في الحل، ويحاول إنقاذ التطبيع مع إسرائيل.
- وبالإضافة إلى الأهداف الاستراتيجية، طرح بايدن والمقربون منه أهدافاً تكتيكية: بذلُ جهد إسرائيلي لتقليل المسّ بالمدنيين، وتقديم حل للكارثة الإنسانية في غزة. من الواضح أن "حماس" ستسيطر على كل مساعدة تصل إلى غزة، أو تقرر كيفية توزيعها. بلينكن قال إنه في هذه الحالة، ستجد الولايات المتحدة الحل المناسب. هذه طريقة عمل ساذجة، إلى حد ما، في التعامل مع "حماس" و"الجهاد". يجب تذكير بايدن ومَن حوله بأنه وإن كانت "حماس" والجهاد أسوأ من "داعش"، فيجب التعامل معهما عسكرياً بشكل لا يقلّ عمّا كان عليه الوضع ضد "داعش". حينها، لم نسمع أيّ تطرُّق إلى الأزمة الإنسانية التي حدثت نتيجة الضربات الأميركية في العراق، أو سورية، أو أفغانستان.
- المساعدات الإنسانية ترتبط بتطلُّع الولايات المتحدة إلى السماح لمواطنيها الفلسطينيين بالخروج من غزة، عبر معبر رفح، وإخلاء سبيل الأسرى والمخطوفين الذين هم أيضاً من مواطنيها. يجب تذكير بايدن والمقربين منه بالمثل الأميركي القديم: لا يوجد وجبات مجانية. على إسرائيل الإصرار على أن المساعدات الإنسانية ستكون في مقابل خطوات إنسانية من طرف "حماس" والجهاد، كتحرير النساء والأطفال وكبار السن المخطوفين، وليس فقط الأميركيين.
- الحرب ضد "حماس" والجهاد تمثل جيداً الحلف الدفاعي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وفي حال تم تفكيك هذين التنظيمين من دون جبهة ثانية في الشمال، فإن هذا سيقوّي هذا الحلف، من دون أن يكون رسمياً.