تقرير: حتى لو انتصرت إسرائيل على "حماس" فهي تواجه مشكلة استراتيجية في الشمال
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

في مساء الأول من أمس، وللمرة الأولى منذ حرب لبنان الثانية (2006)، أعلن حزب الله مسؤوليته عن إطلاق صواريخ على مدنيين إسرائيليين في كريات شمونة. لم يحاول الحزب الاختباء وراء "حماس"، مثلما فعل قبل أسبوع، جاء هذا رداً على قصف مسيّرة إسرائيلية تسبب بمقتل 4 مواطنين لبنانيين "(بعد أن قتل حزب الله مدنياً إسرائيلياً يعمل سائق صهريج للمياه بصاروخ مضاد للدروع)".

يزداد خطاب حزب الله تشدداً، وكذلك عملياته التي أصبحت موجهة أكثر إلى جنوبي الحدود، وضد مدنيين. وفي الأمس، جرى إطلاق 30 صاروخاً، تم اعتراض بعضها في منطقة بعيدة عن الحدود، وهذا المدى من صواريخ حزب الله لم يُستخدم منذ حرب لبنان الثانية. هذه المرة، أعلنت "حماس" مسؤوليتها عن الإطلاق، لكن من الواضح أنه جرى بالتنسيق مع حزب الله.

من جهة أُخرى، يثير عرض القوة الأميركي في المنطقة قلقاً واضحاً لدى النظام الإيراني وقيادة حزب الله. في الأمس، ذكرت النيويورك تايمز في تقرير لها أن إدارة بايدن أرسلت تحذيراً واضحاً إلى إيران وحزب الله، مفاده أن الولايات المتحدة ستشارك بصورة فاعلة في الحرب، إذا هوجمت إسرائيل. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا يرغب في حدوث مواجهة كهذه. وفي لقاءاته مع الأميركيين، شدّد على حاجة إسرائيل إلى التركيز على الهجوم ضد "حماس" في غزة.  ويحاول نتنياهو احتواء الوضع المتوتر مع لبنان والاكتفاء بهجمات محدودة، رداً على هجمات حزب الله، كي لا يجبر الجيش على التوزع على جبهتين.

في المدى البعيد، ستكون إسرائيل في مواجهة مشكلة استراتيجية في الشمال، حتى لو نجحت في عمليتها في غزة. صحيح أن هجمات الجيش الإسرائيلي أبعدت قليلاً قوات الرضوان عن الحدود اللبنانية، لكن هذه القوة الخاصة بالحزب لا تزال موجودة في الجنوب اللبناني، وهو ما يتعارض مع القرار 1701، الصادر عن مجلس الأمن، والذي أنهى الحرب الأخيرة على لبنان. ولا يزال حزب الله يمتلك ترسانة صاروخية تحتوي على أكثر من 150.000 صاروخ وقذيفة.

في مثل هذه الظروف، من الصعب إقناع سكان خط الحدود بالعودة إلى منازلهم، حتى لو انتهت الحرب في غزة بنجاح إسرائيلي. بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، لم يعد الردع سلعة ذات قيمة في المنطقة. من جهة أُخرى، إن عملية إسرائيلية هجومية ضد حزب الله ستكون خطِرة، وستؤدي إلى حرب قاسية وأضرار واسعة النطاق في الجبهة الداخلية. حتى اليوم، حكومات إسرائيل والجيش امتنعوا من ذلك. لم ترد إسرائيل عندما خرق حزب الله التوازن العسكري، وقام بنشر منظومة متطورة مضادة للدروع في لبنان، وأقام منشآت لإنتاج الصواريخ الدقيقة.

بعد هجوم "حماس" على "غلاف غزة"، تغيرت الأولويات لدى الجمهور الإسرائيلي، وبات الخوف من الصواريخ في وسط البلد أقل كثيراً، وحل محله خوف حقيقي من محاولات تسلّل إلى المستوطنات في المناطق الحدودية، وعلى خط التماس. "المذبحة" في مستوطنات "غلاف غزة"، ودخول "المخربين" إلى المنازل واقتحام الملاجىء، وقتل وخطف عائلات بأكملها، أحدث صدمة قوية لدى المواطنين، وقضى كلياً على إحساسهم بالأمان.