حلم السلطة الفلسطينية "المجدّدة"
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • عندما يعلن الرئيس جو بايدن أنه بعد القضاء على "حماس"، ستحكم غزة سلطة فلسطينية جديدة، أو مُجدّدة، ماذا يقصد؟
  • هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الولايات المتحدة الدفع قدماً ببناء منظومة حُكم فلسطينية تستجيب لحاجات السكان الفلسطينيين من جهة، وتحارب "الإرهاب" من جهة ثانية. والوضع اليوم يشبه ما كان عليه بعد عملية "السور الواقي" في الفترة 2002-2004، حينها، دمّر الجيش الإسرائيلي البنية التحتية "الإرهابية" للسلطة الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات في الضفة الغربية. ويومها، طُرح السؤال: مَن سيحكم هناك بعد خروج قواتنا؟ في ذلك الوقت، طرح الرئيس بوش فكرة بناء زعامة فلسطينية "جديدة ومعدّلة"، وهكذا وُلدت فكرة استبدال عرفات بأبو مازن.
  • وفعلاً، منذ سنة 2005، يتولى أبو مازن رئاسة السلطة الفلسطينية. وحلّ كلام أبو مازن المعسول، الموجّه إلى الغرب فقط، محل تصريحات عرفات الصاخبة. لكن بينما كان يعلن معارضته "للإرهاب" وسعيه لـ"حل الدولتين" بوسائل سلمية، واصل أبو مازن تمويل "الإرهاب" والعمل بكل ما يملك من قوة على نزع الشرعية عن إسرائيل، وشنّ حملة كراهية عالمية، حركة الـBDS هي فقط رأس جبل الجليد، علاوةً على ذلك، واصلت السلطة تعليم الأولاد الفلسطينيين كراهية إسرائيل، وسعت لترسيخ نفوذها من خلال منظومة تعليم تحريضية بصورة خاصة.
  • كي لا نكرر أخطاء الماضي، يجب التشديد، وخصوصاً لدى أصدقائنا الأميركيين، على أن "السلطة الفلسطينية المجدّدة" لن تتحقق من خلال تغييرات شخصية، أو بنيوية. قبل السعي لتحقيق رؤيا "حل الدولتين"، يجب أن نقتلع من الجذور ثقافة "الإرهاب" والتحريض لدى الفلسطينيين في غزة، وفي أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. كما يجب أن نطوّر منظومة تعليم جديدة موضوعية، وترسيخ إدارة مناصرة للسلام، تسعى لتأمين رفاه سكانها، مع حد أدنى من الفساد.
  • سيدّعي المعارضون أنه من المستحيل تغيير الطبيعة القومية وثقافة شعب. قد يكون هذا صحيحاً، لكن وجهة النظر هذه خطِرة، وستؤدي إلى تأبيد النزاع. لقد ثبت خطأ هذه النظرة المحافظة مع انتهاء الحرب العالمية الثانية. فقد غيّرت الولايات المتحدة وحلفاؤها، من خلال إدارة صبورة وصحيحة، من الأساس، الثقافة السياسية العنيفة في اليابان، إلى حد كتابة دستور جديد يقضي بإلزام اليابان عدم القتال. ومحاولة ناجحة مشابهة جرت في ألمانيا (في البداية ألمانيا الغربية، ولاحقاً الشرقية) التي شهدت تحولاً جذرياً غيّر طابعها النازي السابق. القول السائد في أوساط مختلفة أنه لا يمكن تطبيق نموذجَي اليابان وألمانيا على الفلسطينيين، هو سطحي قليلاً، وخصوصاً لأنه لم يُجرَّب قط.
  • إن الشرط الضروري لتحقيق هذه الأهداف هو، طبعاً، تمويل دولي كثيف، شبيه بمشروع مارشال الأميركي الذي أعاد بناء أوروبا، بعد الحرب العالمية الثانية. ومثل هذا التمويل يمكن أن يكون متاحاً، حسبما يمكن أن نفهم من نيات دول الخليج، وفي طليعتها السعودية.
  • في الخلاصة، من المهم التشديد على أنه في نهاية الحرب في غزة، وبعد استقرار الوضع الأمني، يجب ألا تبقى إسرائيل هناك. الهدف الأميركي من نقل غزة إلى "سلطة فلسطينية جديدة ومجددّة"، هو هدف جدي وصحيح، لكن إلى حين نشوء مثل هذه السلطة، يجب بناء منظومة موقتة طويلة الأمد، وتنمية قيادة فلسطينية قادرة، ومناصِرة للسلام.
 

المزيد ضمن العدد