إعدام في الغرب المتوحش
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • صباح يوم الخميس، كان المحامي يوفال كاستلمان، البالغ من العمر 38 عاماً، في طريقه إلى العمل في لجنة الخدمة المدنية. أمر طبيعي جداً. وفي لحظة، سيكتشف أنه شجاع بشكل استثنائي. وأنه أنقذ حياة كثيرين. وفي لحظة أيضاً، سيتم اعدامه. لقد وجد نفسه أمام هجوم خطِر في القدس. المواطنون المرعوبون حاولوا الهروب، أو انبطحوا أرضاً. أمّا هو وحده، بحسب شهادات الموجودين في المكان، قام بعكس ذلك، واندفع من دون تردّد. مكشوفاً، من دون واقٍ ضد الرصاص، وقتل بمسدسه "مخربَين"، وهما يطلقان النار، وأنهى الحدث. وبعد وصول جنود الاحتياط بأسلحتهم، وبدأوا بإطلاق النار، فهِم مباشرة ما يحدث، ألقى مسدسه على الأرض، وخلع معطفه، كي يوضح أنه غير مسلح، جثا على ركبتَيه، وصرّح: أنا إسرائيلي. لكن هذا لم يساعده.
  • الفيديو الذي يوثّق الحادث يدفع إلى الجنون. رصاصة، وبعدها رصاصة، وبعدها تأكيد للموت. هذا لم يكن إطلاق نيران صديقة، كما ادّعت البيانات المستفزة الصادرة عن الشرطة والجيش، الذين رفضوا في البداية التحقيق في الحادثة، على الرغم من أن العلم الأسود كان يرفرف فوقها. هذا كان إعداماً.  إنه الغرب المتوحش. ما جرى كان مخالفاً للقانون، ولأوامر فتح النار، ولطهارة السلاح. وهذا صحيح أيضاً، حتى لو كان الحديث يدور حول "مخرب". كنا أمام إليئور آزريا رقم 2 [الذي قتل في سنة 2016 فلسطينياً ملقى على الأرض، على الرغم من أنه لم يشكل خطراً]، لكن وبسبب الظروف، فإن المأساة مضاعفة. لقد بقي يوفال على الأرض وقتاً طويلاً، وهو يسبح في دمه، ذلك بأن أحداً لم يكن يريد مساعدة "مخرب". وصل إلى المستشفى باسم مجهول، كما قالت أخته، بألم. وفي اليوم التالي، مات متأثراً بجروحه. مَن يتجاهل القانون والأخلاق عندما يطلق النار، بجُبن، على "مخرب" مصاب، هو يطلق النار، بجُبن أيضاً، على يهودي غير مسلح يرفع يديه استسلاماً.
  • مُطلق النار تفاخر في مقابلة مع القناة 14، وذلك خلال دقيقة التباهي التي استمتع بها، قبل أن تُكشف الحقيقة. صورته واسمه نُشرا في كل مكان، تحت عنوان "بطل". وبعد ذلك، منعت الشرطة نشر اسمه. وفي المقابلة نفسها، قال أيضاً إنه جزء من "شبيبة التلال" وأنه فخور بذلك، وفي الوقت نفسه، اعترف أيضاً أنه مع بدء العملية، انبطح على الأرض. وبعد ذلك نهض، وخسارة أنه نهض. وصل كما يبدو، بعد أن انتهى الحدث، وأعدم يوفال كستلمان.
  • لقد حصل بعدها على احتضان كبير من قيادته المشبوهة، عضوا الكنيست تسفي سوكوت وليمور سون هار - ميلخ، اللذان منحاه لقب البطولة، طالبا بإعادة الاعتبار لـ"شبيبة التلال"، بعد ذلك، قاما بمسح التغريدات. زوجته أيضاً أجرت بعض المقابلات التي تفاخرت فيها بما قام به زوجها، وأيضاً الوحدة التي يخدم فيها، وحدة "كتيبة الصحراء"، التي تتشكل من أكثر المتطرفين تطرفاً، وبحسب الشهادات، فإنها تجعل حياة الفلسطينيين الأبرياء أقرب إلى الجحيم.
  • هل سنرى إيتمار بن غفير وصون هار - ميلخ، أو سوكوت، يذهبون لتقديم واجب العزاء لعائلة كاستلمان. هل هذا مطلوب أصلاً؟ كلا.  ها نحن الآن، نرى تحقُّق رؤية توزيع السلاح الجماعي. مواطن مسلح يقتل "مخربَين"، وينقذ حياة الأشخاص. لكن في الوقت نفسه، شاهدنا نموذجاً لما يمكن أن يحدث عندما يكون السلاح في أيادٍ لا تسيطر عليه. وهل سيردع هذا الحادث كل عاقل عن التصرف بشجاعة كما تصرف يوفال؟ مَن يضمن لهؤلاء الأشخاص أنه لن يتم اغتيالهم في وسط حالة الفوضى وإطلاق النار الفاسد؟
  • نحن في خضم حالة حرب. الدم يغلي الآن. الحزن والخسارة يشلان ويخضان أرواحنا، الألم كبير جداً، ومثله أيضاً الشعور بالإذلال الذي تلقيناه من عدو "متوحش" ومُر استخفّينا به. أغلبيتنا العظمى تريد هزيمة "حماس" حتى النهاية. كثُر منا يشعرون بما لم يشعروا به قط: الرغبة في الانتقام. وإن كان الجمهور العادي مرّ بهذه المأساة، فمن المرعب التفكير فيما حدث للعنصريين المتطرفين.
  • هذا مزيج خطِر. على الرغم من أن صورة انتهاء الحرب لا يعرفها أحد، هناك شيء واحد يجب أن نتذكره: في اليوم التالي، يتعين علينا أن نعيش في دولة طبيعية. لا يزال علينا أن نعيش، وأن يكون لدينا معنى وقيم مشتركة للحياة هنا. ظروف موت يوفال كاستلمان التراجيدية لا تبشر بالخير مَن يريد أن يعيش في دولة طبيعية في اليوم التالي.