تعهّد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عدم السماح للسلطة الفلسطينية بالسيطرة على قطاع غزة، بمجرد نجاح إسرائيل في إطاحة حركة "حماس" من السلطة، وذلك فيما وُصف بأنه معارضة حادة لموقف الرئيس الأميركي جو بايدن ومواقف جهات دولية أُخرى.
وجاء تعهُّد نتنياهو هذا في سياق مؤتمر صحافي عقده في مقر وزارة الدفاع وقيادة الجيش الإسرائيلي في "الكرياه" في تل أبيب مساء أمس (السبت)، واتهم فيه السلطة الفلسطينية في رام الله بتعزيز وتمويل "الإرهاب"، ووصف إقامتها بأنه خطأ فادح.
كما تعهّد رئيس الحكومة مواصلة الحرب ضد "حماس" حتى النهاية، وحتى تحقيق النصر الكامل على الحركة، وادّعى أنه لم يتمكن من القيام بذلك في جولات الصراع السابقة بسبب عدم وجود إجماع داخلي، أو دولي ضروري من أجل القيام بذلك.
ووعد نتنياهو أيضاً ببذل كل ما في وسعه لإعادة المخطوفين الإسرائيليين المتبقين في الأسر، ووجّه تحذيراً شديد اللهجة إلى حزب الله، وقال إن الحزب سيتسبب بتدمير لبنان، إذا ما بدأ حرباً واسعة النطاق ضد إسرائيل.
وردّاً على أسئلة عن الدور المحتمل للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة ما بعد الحرب، قال نتنياهو: "إن السلطة الفلسطينية تدفع للقتَلة، وهي تعلّم أطفالها كراهية إسرائيل، ولسوء الحظ، تعلّمهم قتل اليهود، واختفاء دولة إسرائيل، في نهاية المطاف. ولست مستعداً لخداع نفسي والقول إن هذا الشيء المعيب، الذي تم إنشاؤه بموجب اتفاقية أوسلو، وكان بمثابة خطأ فادح، يجب السماح له بحُكم قطاع غزة. لقد كان خطأ فادحاً إعادة الأكثر عدائية في العالم العربي والعالم الفلسطيني إلى وسط أرض إسرائيل".
وفي إشارة إلى حركة "فتح" التي يتزعمها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وحركة "حماس"، قال نتنياهو إن الحركة الفلسطينية انقسمت إلى قسمين، لكن الأيديولوجيا التي ترفض وجود إسرائيل ظلّت مشتركة بين هذين القسمين.
وأضاف نتنياهو: "أنا أفكر بشكل مختلف حتى عن بعض أصدقائنا [في إشارة إلى الولايات المتحدة]. أعتقد أننا بحاجة إلى بناء شيء آخر. وطبعاً، يجب أن يكون هناك سيطرة أمنية إسرائيلية على المنطقة بأكملها، لضمان عدم ظهور كيان إرهابي، لسنوات مقبلة. ويجب أن تخضع الإدارة الداخلية لعملية مختلفة تماماً. لقد فشلت السلطة الفلسطينية في هذا، فهي لا تحارب الإرهاب، بل تموّل الإرهاب؛ إنها لا تثقف من أجل السلام، بل تثقف من أجل اختفاء دولة إسرائيل. هذه ليست المجموعة التي يجب أن تدخل الآن".
وأقر نتنياهو بوجود خلافات مع الولايات المتحدة، وقال إن واشنطن تدعم بعض أهداف الحرب، وقال: "لكن، في نهاية الأمر، هذه حربنا، ونحن من يجب عليه اتخاذ القرارات. في نهاية الأمر، نحن مَن يتخذ القرارات. ونحن نحاول، وننجح في كثير من الأحيان في إقناع أصدقائنا الأميركيين. وآمل وأعتقد أن هذا هو ما سيكون أيضاً في المستقبل".
وأصرّ نتنياهو على أن تدمير "حماس" لن يكون ممكناً من دون عملية برية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة كله.
وردّاً على سؤال عن سياسته السابقة تجاه غزة، والتي قال منتقدوها إنها عززت حُكم "حماس" في القطاع، قال نتنياهو إن الاتهام كاذب، وحاول دحض هذا الادعاء.
يُذكر أن نتنياهو، على عكس العديد من المسؤولين الكبار الآخرين، بمن فيهم وزير الدفاع وقادة الجيش وأجهزة الاستخبارات، لم يتحمل المسؤولية عن هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وبدلاً من ذلك، سعى لإلقاء اللوم على قادة القوات المسلحة وأجهزة الاستخبارات.
وبالانتقال إلى الجبهة الشمالية مع حزب الله، الذي جدّد هجماته ضد إسرائيل، منذ انهيار الهدنة مع حركة "حماس"، قال نتنياهو إن الجيش الإسرائيلي يعمل بشكل استباقي مع هذا الحزب اللبناني المدعوم من إيران، وأنه اعتمد سياسة الردع القوي في الشمال ضد حزب الله والنصر الواضح في الجنوب ضد "حماس". وقال: "يجب أن يكون واضحاً أننا ملتزمون باستعادة الأمن في الجنوب والشمال. إذا أخطأ حزب الله، ودخل في حرب واسعة، فإنه سيدمّر لبنان بيديه".
كما تطرّق نتنياهو إلى الهدنة التي استمرت أسبوعاً مع "حماس"، وأطلقت خلالها الحركة سراح 110 رهائن اختطفتهم في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقال إنه على الرغم من تحفظاته، فإن الصفقة كانت مبررة.
وقال نتنياهو: "كنت متردداً في الأيام التي سبقت الصفقة، وسألت نفسي كيف يمكن التفاوض مع هذا الشيطان الذي ذبح وقتل وقطع وأحرق الناس؟ لكن في الوقت نفسه، كان من الواضح بالنسبة إليّ، أن لدينا طريقة لإنقاذ الناس من براثن هذا الشيطان، ولم أستطع التخلي عن هذه الفرصة".
وردّاً على سؤال عن ردة فعله إذا أمكن التوصل إلى هدنة مرة أُخرى، قال: "إن ’حماس’ خرقت الاتفاق. قلت إننا سنستأنف الحرب إذا فعلوا ذلك، وهذا ما حدث".
وسُئل نتنياهو عن مستقبله السياسي، فقال إنه غير منزعج من انخفاض معدلات شعبيته في استطلاعات الرأي العام، وقال: "أنا لا أتعامل مع استطلاعات الرأي العام. لقد حصلت على تفويض من مواطني إسرائيل لقيادة دولة إسرائيل. إذا عملنا على أساس استطلاعات يومية، لما كنت موجوداً هنا ليوم واحد، كما أظن".
وسُئل نتنياهو أيضاً عن سبب عقده، هو ووزير الدفاع يوآف غالانت، مؤتمرَين صحافيَين منفصلين بفارق دقائق، فقال: "اقترحت على وزير الدفاع هذا المساء عقد مؤتمر صحافي مشترك. لكنه قرر ما قرره".
وردّ مكتب الوزير غالانت على ذلك، قائلاً: "أحياناً نعقد مؤتمرات صحافية معاً، وأحياناً بشكل منفصل".