هذا معقّد ولا يحظى بشعبية، لكن توجد تهديدات لا يمكن تأجيلها إلى ما بعد الحرب
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • استؤنف القتال في غزة بعد هدنة موقتة، والتحديات أمام دولة إسرائيل تتراكم. الإنجاز التكتيكي الذي سيتعاظم في الفترة القريبة يجب أن يُترجم إلى رؤية استراتيجية شاملة. علينا أن نربح الوقت، لأنه لا خيار آخر لدينا. وحده النصر الحاسم هو ما سيضمن مكانتنا وردعنا وأمننا في الشرق الأوسط. وفي هذه الحال، نحن نقف أمام 4 تحديات:

الوقت والحيز

  • تفكيك "حماس" - على الرغم من أن الحديث لا يدور حول علم دقيق، فإنه يمكن التقدير أن تفكيك 60% من قدرات "حماس" العسكرية سيؤدي إلى الحسم. بما معناه، علينا تفكيك نحو 16 كتيبة تابعة لها من أصل 24. هذا فضلاً عن أنه يجب علينا اغتيال القيادة العسكرية العليا، مع التشديد على يحيى السنوار. ويجب أيضاً تفكيك البنية التحت أرضية، وإبادة مؤسسات السلطة التابعة لـ"حماس" في القطاع. في المحصلة، الآن، لا نزال بعيدين عن تحقيق ذلك. العمل الذي قمنا به في الشمال كبير جداً، وفي الجنوب، بدأنا للتو. الحرب ستكون أكثر تعقيداً في الجنوب، حيث باتت المنطقة تشهد كثافة سكانية عالية، بعد انتقال نحو مليون لاجئ من الشمال إليها. هناك مليونا إنسان تقريباً في مساحة 200 كلم مربع. أمّا الوقت، فيتم تحديده بحسب 3 مكونات: الشرعية الداخلية في المجتمع الإسرائيلي؛ طول الحبل الأميركي؛ والوقت المطلوب للقتال. هذه المكونات الثلاثة تفرض تحديات على استمرار القتال. وعلى الرغم من الصعوبة، فإن إدارة هذه التوترات المختلفة هي مهمة يمكن القيام بها.

 

إدارة المعركة على الصعيد السياسي

  • يجب العمل على الحرب والسياسة معاً. هذا التكامل معروف باسم "الاستراتيجيا الكبرى". وهي تشكل مستوى فوق الاستراتيجيا العسكرية، وهي المستوى الأهم في الحرب. فالأمن القومي يتضمن جهوداً أكثر من الجهود العسكرية: اقتصاد، علاقات خارجية، وسياسة داخلية.
  • خطوة متعددة الأبعاد كهذه ضرورية، ليس فقط في الجنوب. فعلى سبيل المثال، فقط عبر دمج الجهدَين العسكري والسياسي، يمكن دفع حزب الله إلى الابتعاد عن الحدود في الشمال. وهذا ضروري أيضاً لتعزيز البلدات التي تضررت من الحرب، وكذلك للتعامل مع التهديد الاستراتيجي من اليمن، والذي يهدد حرية الملاحة.
  • كابينيت الحرب هو كابينيت أمني. من المهم أن يكون موجوداً، لكنه ليس بديلاً من الحكومة التي تشمل المكونات الأُخرى للأمن القومي، وليس العسكرية فقط. وبكلمات أُخرى - لجنة وزارية لشؤون الأمن القومي.
  • الجيش يعمل جيداً. النقاشات بشأن وتيرة المناورة البرية، وتركيز العمليات وتكامُلها - أمور كلها مهمة، إلّا إن الحرب ليست فقط إدارة معركة. يمكن ترك إدارة المعركة للجيش، لكن الجيش لا يعرف وحده كيف يدير المكون السياسي.

عدم الوضوح بشأن اليوم التالي

  • من أجل شراء وقت سياسي، علينا طرح رؤية واستراتيجيا لتحقيقها. وكلما كان تخطيطنا أوضح وأفضل، كلما كانت الولايات المتحدة صبورة أكثر. التخطيط الاستراتيجي الأميركي معروف بأنه جذري. المرة الأولى التي تصرفوا فيها بطريقة مختلفة، في أفغانستان، فشلوا. إنهم يتذكرون هذا، ولا يريدوننا أن نرتكب الخطأ نفسه.
  • سياسة المستوى السياسي، أو على الأقل أجزاء منه، بشأن التحفظ عن السلطة الفلسطينية - شرعية. وفعلاً، هي تتطلب إجابة عن السؤال: إن لم تكن السلطة، إذاً، ما هو البديل؟ الأميركيون لا يكتفون بالقول لا. وبالمناسبة، حتى لو كانت الرؤية ضبابية، لكنها واقعية، فهذا جيد. بما معناه، حتى خريطة طريق مبدئية تمتد أعواماً طويلة، ستكون أفضل من الوضع الحالي.

تعاظُم قوة إيران

  • إيران تتدخل في الحرب، لكنها لا تدفع ثمناً. استراتيجيا الأذرع الخاصة بها تعمل. الجميع يعمل، وإيران تبقى جانباً. من وجهة نظر إيران، إن هذا هو أول نجاح للرؤية الاستراتيجية الإقليمية الخاصة بها. من وجهة نظرنا، إن حالة النجاح هذه يمكن أن تعزز تهديد الحرب المتعددة الجبهات.
  • البرنامج النووي الإيراني مستمر، ويمكن أن يكون قد سُرّع بسبب التركيز على غزة. تركيزنا على غزة لم يغيّر الواقع الإشكالي - إيران دولة على العتبة النووية فعلاً،  وهي تدرك اليوم أن الحرب مع الولايات المتحدة وإسرائيل قد تجد نفسها في مواجهتها من دون أن تخطط لها. الدرس بالنسبة إلى إيران، بسبب المواجهات مع حزب الله، يمكن أن يتمثل في تسريع الخطة النووية.
  • "حماس" منحت إيران وروسيا والصين هدية، واستطاعت وقف مسار التطبيع. صحيح أن "حماس" فاجأت المحور وتطوعت بالتضحية بنفسها، لاعتقادها أن المحور سينضم إلى القتال، وهذا لم يحدث حتى الآن. لكن في حال تم تفكيك "حماس"، فإن المحور سيخسر لاعباً، لكن في نظر إيران، لا تزال هزيمة "حماس" بعيدة وغير مؤكدة.
  • الحوثيون أثبتوا للعالم أن إيران يمكنها تشويش طرق الملاحة الإسرائيلية. السيطرة على باب المندب هي جزء من التهديد الإيراني المعروف بإغلاق الخليج الفارسي. إيران لن تضيّع فرصة بث هذه القوة، مستقبلاً، وامتناع الولايات المتحدة من العمل ضد الحوثيين، يثبت أن الغرب يريد الهدوء.
  • وفي الختام: حقيقة أن حزب الله استطاع إخلاء البلدات الشمالية تثبت أهميته بالنسبة إلى إيران، لكنها في الوقت نفسه، ترغم إسرائيل على تغيير الوضع القائم. حزب الله لا يزال ملتزماً سياسة المعركة المحدودة نفسها في مواجهة إسرائيل، تحت سقف الحرب. من غير الواضح لماذا يصر نصر الله على توضيح الخطر على مواطني إسرائيل، ولماذا يستمر بإقناع الجمهور في إسرائيل بالضغط على قياداته للعمل على إزالة التهديد. والضغط الذي يشكله حزب الله على إسرائيل يشجع الإيرانيين.
  • التحديات كبيرة ومتعددة، وفي حال لم تتم معالجتها، يمكن أن تؤدي إلى حالة معاناة لا تُحتمل. لا يجب علينا تأجيل العمل على القضايا غير الشعبوية والمعقدة، كاليوم التالي للحرب، والإحراج الحوثي المخجل، والتحدي الإيراني.
 

المزيد ضمن العدد