بين الاستنفاد والمراوحة: ممَّ يتخوف الجيش؟
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • بعد أكثر من شهرين على بدء المناورة الكبيرة في القطاع، يمكن للجيش الآن القول إنه قد وصل إلى استنفاد المرحلة الحالية في القتال، فعلى مدار الأيام الطويلة من شهرَي تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر، قام الجيش بتقسيم غزة إلى جزء شمالي وآخر جنوبي، وسيطر تقريباً، وبصورة مطلقة، على المنطقة الشمالية، والآن هو في خضم المراحل النهائية من السيطرة على جنوب القطاع.
  • وهذا الاستنفاد الذي يتحدثون عنه له علاقة بتحقيق أهداف القتال التي توصّل إليها الجنود خلال المناورة، وخصوصاً في الشمال؛ إذ أن عدد الأنفاق التي تم إيجادها وتفكيكها، كما عدد المواقع التابعة لقيادات "حماس" في المنطقة، والبنى التحتية العسكرية التي تمت إصابتها، تتراكم جميعاً لتشكل نسبة عشرات بالمئة من قوة "حماس"، التي تم القضاء عليها في الشمال. وفي اللحظة التي استطاع فيها الجيش القول إنه نجح في تحقيق هذه الإنجازات، فإن الهدف الآن هو الانتقال إلى المرحلة المقبلة في القتال، والتي ستكون مركزة ومقلصة حتى التوصل إلى القضاء على مجمل القدرات العسكرية لـ"حماس".
  • لا يزال الجيش يعمل في خان يونس وجنوب القطاع من أجل الوصول إلى قيادات "حماس"، ويعترف أيضاً بأن هذا سيحتاج إلى وقت، ويفضلون في الجيش الانتقال إلى المرحلة القادمة في جنوب القطاع أيضاً، وتفكيك قدرات "حماس" هناك، حتى لو كان ذلك بصورة بطيئة.

ماذا يقصدون حين يتخوفون من المراوحة

  • على مدار الأيام الأخيرة، ازداد استعمال كلمة "مراوحة" عندما يحاول الجيش وصف التخوف من المستقبل، ففي حال لم يبحث المستوى السياسي "اليوم التالي"، ولم يتم إيجاد أي جهة يمكن أن تتسلم إدارة القطاع مدنياً، فإن الجيش يمكن أن يتوقف في مكانه، ولن يستطيع التقدُم إلى المراحل المقبلة في القتال، وهي مراحل ضرورية من أجل الوصول إلى الأهداف التي تم تحديدها له، وأيضاً من أجل الاقتصاد الذي يحتاج إلى الأيدي العاملة لجنود الاحتياط، والذين عليهم أن يُسرَحوا من الخدمة.
  • وكما قلنا، فإن الجيش استنفد أهدافه في شمال القطاع، ولذلك، فإن عليه أن ينتقل إلى المرحلة المقبلة هناك على الأقل، إلاّ إن المستوى السياسي يمتنع من نقاش اليوم التالي لأسبابه الخاصة، والجيش لا يتحرك.
  • إن الأسئلة التي يجب الإجابة عنها أساساً هي: "إلى من يجب تسليم المفاتيح؟"، و"متى يمكن تسريح جزء كبير من جنود الاحتياط؟"، و"ماذا سيكون مصير معبر رفح؟"، و"ما هو المتوقع حدوثه في محور فيلاديلفي لمنْع تعاظُم قوة ’حماس‘ بعد انسحاب الجيش؟"
  • عندما لا تكون هناك أهداف للمستقبل يضعها المستوى السياسي، لن تكون الوجهة واضحة للجيش والجنود في الميدان، ومن هنا تُشتق كلمة "مراوحة"، فالجيش لا يريد للجنود أن يبقوا في الميدان من دون هدف، ويتحولوا إلى أهداف، وقد بدأ فعلاً تقليل القوات وتغيير طريقة عملها، لكنها ومن أجل القيام بذلك بالكامل، تحتاج إلى أوامر من المستوى السياسي، وهو ما لا يحدث.