الهجوم في إيران: اتهام إسرائيل، لكن التقديرات تشير إلى طرف آخر
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • في 3 كانون الثاني/يناير، وقع حادث "استشهاد" الحاج قاسم سليماني...  في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، انضم إليه السيد رضي الموسوي، الضابط اللوجستي الرفيع المستوى في فيلق القدس، والمسؤول عن التنسيق ونقل السلاح، الموجّه ضد إسرائيل، إلى الساحات المختلفة. وأعلنت الجمهورية الإسلامية أنها ستردّ بعنف في الزمان والمكان الملائمَين.
  • بعد استشهاد الموسوي، صدر عن المتحدث بلسان قائد الحرس الثوري تصريحات محرجة، قال فيها إن عملية طوفان الأقصى هي جزء من الانتقام لمقتل الحاج قاسم سليماني. وأضاف أن عدداً من الأعمال الانتقامية جرى في الأعوام الأخيرة، لكنه لا يستطيع الحديث عنها. جاء هذا التصريح بعد 3 أشهر، حرصت خلالها الجمهورية الإسلامية على التشديد أنه لا دخل لها فيما جرى في 7 أكتوبر. لكن بعد نفي "حماس" لكلام الناطق بلسان قائد الحرس الثوري، صدر اعتذار وتوضيح.
  • عشية إحياء ذكرى اغتيال سليماني، وصلنا خبر اغتيال صالح العاروري في بيروت. في اليوم التالي، وخلال مراسم إحياء ذكرى اغتيال سليماني في حديقة الزهور في مدينة كرمان، وقع انفجاران بفارق عشر دقائق على الطريق الذي تدفق إليه الناس. وتحدثت التكهنات الأولية عن مخرب انتحاري (شهود وصفوه بأنه طالب)، أو تفجير اسطوانتَي غاز. لكن حتى كتابة هذه السطور، تدل التقديرات على انفجار حقيبتَين مفخختَين بعبوات ناسفة من أجل زيادة الأضرار. وبلغ تعداد الشهداء 200 قتيل [أُعلن عن سقوط 3 قتلى].
  • هذه العملية لا تحمل بصمات إسرائيل. فحتى الآن، كانت العمليات المنسوبة إلى إسرائيل، أو إلى أذرعها في إيران، كلها عمليات جراحية، اغتيال شخص محدد بعد ملاحقة دقيقة، ومع الحد الأدنى من الضحايا الأبرياء. أو عمليات سيبرانية تشل قطاعات كاملة في الاقتصاد، البصمة الإسرائيلية التي أعرفها في الحالات التي لا يوجد فيها إعلان مسؤولية رسمية، هي التحذير مسبقاً من أجل عدم إلحاق الأذى بالمدنيين. لا يوجد أي منطق يدفع إسرائيل إلى تنفيذ عملية يُقتل فيها 200 مواطن [العدد هو 103قتلى]، من دون أن يكون بينهم مسؤول رفيع المستوى. صحيح أن القتلى ليسوا من المتعاطفين مع إسرائيل، لكن هذا لا يجعلهم أهدافاً تقليدية لها.
  • يمكننا أن نجد في شبكات التواصل الاجتماعي نظريات المؤامرة التي تتهم النظام بالتفجير... من أجل افتعال حادث يبرر هجوماً مباشراً على إسرائيل، أو زيادة تدخُّل إيران في الحرب، وتحويلها إلى حرب إقليمية، أو عالمية.
  • لكن هذه النظرية لا تصمد لأن ذكرى استشهاد سليماني والقتل البشع للسيد رضي الموسوي قبل أسبوع يشكلان سبباً كافياً للهجوم على إسرائيل، إذا كانت الجمهورية الإسلامية ترغب في ذلك. والسبب وراء الانتقام البارد هو وجود أشخاص واقعيين في رأس المنظومة السياسية، مقتنعين بعدم جدوى ذلك. وبحسب تقديري، فإن المصلحة الإيرانية لا تزال تفضل عمليات الاستنزاف المحدودة، وليس الدخول في معركة شاملة.
  • من المحتمل تنفيذ عملية انتقامية مؤلمة. ومن هنا، من الضروري رفع نسبة اليقظة، لكن الجمهورية الإسلامية ليست معنية حقاً بتدمير دولة إسرائيل، لأنه من دون وجودها، ستخسر العدو المشترك الذي تحاول جمع العالم الإسلامي حوله.
  • والحال هذه، مَن يقف وراء الهجوم؟
  • أحد الأمور التي يجب أن نفهمها هو أن إيران دولة متعددة الإثنيات، وهناك جماعات متعددة تعيش وسط 85 مليوناً. جزء من هذه الإثنيات ينتمي إلى حركات انفصالية، وخصوصاً السنية من بينها، البلوتش في جنوب شرق إيران الذين يطمحون إلى الاستقلال والتوحد مع إخوانهم ما وراء الحدود في أفغانستان وباكستان، وهناك الأكراد في شمال غرب إيران الذين هم أيضاً يتطلعون إلى الاستقلال والاتحاد مع إخوانهم في العراق وتركيا وسورية، وهناك العرب في جنوب غرب إيران الذين يريدون إقامة دولة مستقلة باسم الأهواز، بدلاً من محافظة خوزاستان اليوم.
  • هذه المجموعات جميعها، لها تاريخ عنيف من المقاومة، يشمل خطف جنود (الخلية السرية البلوتشية)، والهجمات على مبنى المجلس (البرلمان)، وعلى ضريح الخميني (الأكراد المتعاطفون مع ’داعش’)، وهجمات وزرع قنابل في أماكن وخلال مناسبات رسمية (الخلية السرية الأهوازية)، حتى حركة "مجاهدي خلق" الموجودة في الخارج، لها تاريخ من الهجمات والتفجيرات ضد أهداف تابعة للنظام ومؤيديه. وفي تقديري، إن إحدى هذه المجموعات هي وراء الهجوم.
  • تزداد نظرية المؤامرة مع ارتفاع أعداد القتلى، ومع اتضاح عدم وجود أي مسؤول كبير بينهم. كيف تجنّب كبار المسؤولين في النظام والمؤسسة الأمنية الحادث؟ هل صحيح أن النظام نفّذ العملية كذريعة للتحرك ضد إسرائيل؟ وفي الواقع، ليس من المنطقي حاجة النظام إلى ذريعة إضافية ضد إسرائيل، بل ربما هو يبحث عن ذريعة أُخرى للقيام باعتقالات واسعة في صفوف معارضيه في البلد، وخصوصاً بين الجماعات الانفصالية.
 

المزيد ضمن العدد