فصول من كتاب دليل اسرائيل
بعد أيام قليلة على انتهاء اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية - الأمنية [الكابينيت]، عُقد لمناقشة مستقبل قطاع غزة ما بعد الحرب باتهامات متبادلة، تغيّب 3 من وزراء تحالُف "المعسكر الرسمي" الذي يتزعمه بني غانتس عن الاجتماع الذي عقده هذا المجلس الوزاري أمس (الأحد)، وهو ما أبرز التوترات المتزايدة بين الأحزاب التي تشكّل حكومة بنيامين نتنياهو في زمن الحرب.
وهؤلاء الوزراء الثلاثة هم، غانتس وغادي أيزنكوت وحيلي تروبر، وجميعهم من كتلة "أزرق أبيض" الشريكة في تحالُف "المعسكر الرسمي"، وأكدوا أن سبب تغيُّبهم عن الاجتماع يعود إلى تجنُّب الكابينيت أي مناقشة جوهرية في المسائل المتعلقة بالحرب.
وقال الوزير حيلي تروبر، في سياق مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي ["غالي تساهل"] أمس، إن هذا الغياب ترتب أيضاً على وقائع الاجتماع الذي عقده الكابينيت يوم الخميس الماضي، وشنّ فيه وزراء من اليمين هجوماً حاداً على رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، على خلفية اعتزام قيادة الجيش التحقيق في الأخطاء التي ارتكبتها، وأدت إلى هجوم "حماس" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وقال تروبر: "إن هذا الغياب يتعلق بالمصادمات التي شهدها اجتماع الكابينيت المذكور. إننا ملتزمون القضايا المتعلقة بالحرب، وليس من السهل علينا وجودنا في الحكومة". وأضاف أنه لا يدري كم هي مدة بقاء "المعسكر الرسمي" في الحكومة، وما يعرفه فقط هو أن هذا "المعسكر" دخل إلى الحكومة من أجل مصلحة البلد، وخروجه منها سيكون أيضاً من أجل مصلحة البلد.
وتحوّل الاجتماع الذي عقده الكابينيت يوم الخميس الماضي، من أجل مناقشة خطط إسرائيل المتعلقة بقطاع غزة في فترة ما بعد الحرب، إلى شجار صاخب وغاضب بين الوزراء اليمينيين والقيادة العسكرية، وهو ما دفع غانتس إلى تحذير نتنياهو من أن عليه الاختيار بين الوحدة الوطنية وممارسة الأحابيل السياسية.
وحمّل غانتس رئيس الحكومة مسؤولية المشاهد القاسية التي شهدها الاجتماع، وقال في بيان مصور نشره يوم الجمعة الماضي، إن نتنياهو يتحمل مسؤولية إصلاح هذا الخطأ، الذي وصفه بأنه هجوم ذو دافع سياسية في خضم الحرب.
وأضاف غانتس: "كان من المفترض أن يناقش اجتماع الكابينيت العمليات الاستراتيجية التي ستؤثر في استمرار الحملة العسكرية [الحرب في قطاع غزة] وأمننا في المستقبل. هذا لم يحدث، ورئيس الحكومة هو المسؤول عن ذلك. كما أن من مسؤوليته إصلاح ذلك، والاختيار بين الوحدة والأمن، أو السياسة. إذا كان المهم الآن هو الأمن والوحدة، فإذاً، يجب علينا عقد جلسة ضرورية بشأن استمرار القتال، وقريباً".
وقبل هذا الخلاف في الأسبوع الماضي، دخل غانتس أيضاً في صدام مع الحكومة بشأن قرار وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، عدم تمديد ولاية مفوضة مصلحة السجون الإسرائيلية كاتي بيري، وهي خطوة حذّر رئيس تحالُف "المعسكر الرسمي" من أنها قد تمسّ بالأمن. وتعليقاً على هذه المسألة التي تفجّرت في أواخر الشهر الماضي، أكد غانتس: "نحن لسنا في الحكومة، لكي نبقى، وإنما لكي ننتصر في الحرب".
تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من هذا التوتر المتزايد، فإن غانتس بدا كمدافع عن نتنياهو أمس، بعد أن تكهن تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بأن رئيس الحكومة قد يشنّ حرباً ضد حزب الله في لبنان من أجل تحسين موقفه السياسي. وكتب غانتس في بيان له على منصة "إكس" ("تويتر" سابقاً)، تعقيباً على ذلك: "إن الاعتبار الوحيد [فيما يتعلق بالوضع في الشمال] هو أمن إسرائيل، ولا شي آخر. هذا هو واجبنا تجاه بلدنا ومواطنينا".
كما بدا أن نتنياهو يشير إلى وجود تصدعات في حكومته، إذ أكد في تصريحات لوسائل إعلام أدلى بها في مستهل اجتماع الكابينيت أمس، أن من الضروري وضع أي اعتبار آخر جانباً، والاستمرار معاً حتى تحقيق النصر المطلق في الحرب.