خطر "اليوم التالي": حكومة وهمية تكون غطاءً لـ"حماس"
تاريخ المقال
المصدر
- إلى جانب التقارير التي تحدثت عن بداية مناقشة المجلس الوزاري الأمني المصغّر موضوع "اليوم التالي للحرب"، من المفيد التقليل من التوقعات: لا توجد خيارات جيدة في غزة. ولو كانت موجودة، لكانت هناك مناسبة لتنفيذها خلال الأعوام الطويلة من المواجهات.
- يتعين على المستوى السياسي، لدى تطرُّقه إلى "اليوم التالي للحرب"، أن ينتهج نهجاً واقعياً، وأن يتمسك بالأرقام والوقائع التي تتعلق بهذا الكيان "الوحشي" الموجود بالقرب منا، والذي يُحكم قبضته على منظومات الحياة والسكان، مع الافتراض أنه لا يمكن إحداث تغيير ثقافي عميق، على الأقل خلال هذا الجيل.
- مع وجود نسبة تأييد مرتفعة لـ"حماس"، وما دام هناك نواة قوية ومنظمة ومسلحة لهذه الحركة "الإرهابية"، فإنها ستبقى تشكل عنصر القوة الأساسية في القطاع، بغض النظر عن هوية الطرف الذي سيتولى إدارة شؤون المدنيين بصورة رسمية. لهذا السبب، يجب إنهاء الحرب في غزة بانتصار واضح، وضمن شروط تمنع نمو هذه الحركة من جديد. في جميع الأحوال، يجب وضع منطقة منزوعة السلاح أمنياً، وضمان حرية عمل إسرائيل ضمن حدود القطاع، كشرطين أساسيَين للواقع الذي سينشأ في غزة. ويجب التحفظ عن أي مبادرة، أو خطوة، تعرّض ذلك للخطر، وتجنُّب قيام حكومة دمى تشكل أداةً في يد "حماس" (مثل نموذج حزب الله في لبنان)، ويجب عدم الثقة بآليات رقابة أجنبية.
- من وجهة النظر الإسرائيلية، إن مسألة "اليوم التالي للحرب" في غزة تُعتبر الهدف الأهم للحرب: إعادة بناء الردع الإسرائيلي الذي انهار في 7 أكتوبر. وصورة نهائية للحرب، يجب بلورتها قبل كل شيء، وفقاً لهذا المعيار...
المصالح الإسرائيلية
- بصورة عامة، يمكن القول إن الواقع الجديد في غزة يجب أن يؤمن المصالح التالية: 1- ضمان أمن "غلاف غزة"، 2- منع الهجمات العسكرية، 3- المحافظة على منطقة منزوعة السلاح أمنياً، ومنع تعاظُم القوة العسكرية، وتهريب، أو إنتاج العتاد الحربي، 4- منع قيام أطُر عسكرية وتدريبات وعمليات أُخرى لبناء قوة عسكرية، 5- منع عودة "حماس" إلى الحكم وإضعاف تأثيرها في قطاع غزة وخارجه.
- حدد المستوى السياسي في موقفه المعلن بشأن "اليوم التالي للحرب" بصورة سلبية ما لا يريده في القطاع: حكومة تابعة لـ"حماس"، إدارة إسرائيلية، السلطة الفلسطينية، قدرات عسكرية تهدد إسرائيل وقيود على حرية عملها الأمني. هذه التحديدات تترك مكاناً صغيراً للبدائل:
- الأول - تشكيل حُكم مركزي يعتمد على عناصر محلية لا علاقة لها بـ"حماس"، ولا تمثل منظمة التحرير الفلسطينية. لقد طُرح اسم محمد دحلان في هذا السياق.
- الثاني: تشكيل إدارات محلية، تعيّنها العشائر المحلية، تدير شؤون المواطنين في أماكن سكنهم. أمّا مهمة الحكم المركزي، فيمكن أن يقوم بها "مجلس إدارة" مؤلف من ممثلي الدول المانحة. ومثل هذا التدخل الدولي يخدم أيضاً الحاجة إلى مصادر تمويل.
- الثالث: إدارة مركزية خارجية لشؤون القطاع من خلال لجنة دولية، وبواسطة آليات ومؤسسات دولية تشغّلها أطراف محلية. وإذا اعترفنا بالحقيقة، فإن الفرص ضئيلة لنجاح حكومة من هذا النوع ضمن الشروط الاستهلالية الصعبة في قطاع غزة. قوة "حماس" وسط الجمهور الغزّي عميقة، وهي متغلغلة في شبكات الحياة، وقوة الحركة العسكرية والتنظيمية لن تسمح لأي طرف بالالتفاف عليها. أي طرف لا يتعاون مع "حماس"، سيعتبره الجمهور العريض غير شرعي. وفي أحسن الأحوال، سيخسر السلطة، وفي أسوئها، سيخسر معها حياته.
- إن الخطر الذي يتربص بنا، في ضوء عدم وجود بديل، سيُجبر إسرائيل على اختيار الحل "الأقل سوءاً"، حالياً، هو اختيار طرف لا علاقة له بـ"حماس". وخلال وقت قصير، سيتحول هذا الحل إلى ذراع لـ"حماس"، سواء بصورة علنية، أو من خلال اتصالات سرية. وهكذا، سنجد أنفسنا نتعامل مع حكومة دمى في غزة تسيطر عليها "حماس"، وتفعل بها ما تشاء. وسنُجبَر على عدم المساس بها لأننا سنُتّهم بالقضاء على الأمل الجديد. من الأفضل لإسرائيل إبقاء غزة منطقة من دون حل، بدلاً من منطقة مع حل سيئ.
الكلمات المفتاحية