لماذا نستمر؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • قال لي مسؤول إسرائيلي كبير لديه معرفة عميقة بإدارة الحرب: لقد حققنا الهدف الحقيقي. لا توجد تهديدات من الجنوب على إسرائيل. صحيح، من أجل الحفاظ على الإنجاز، علينا البقاء هناك، لكن لا يوجد سبب حقيقي لاستمرار العملية العسكرية، والآن، حان الوقت للانتقال شمالاً. سألته، وماذا عن الوعود بنزع قدرات "حماس" العسكرية والحكومية؟ تنهّد وقال "مَن يعرف الحقيقة، يصمت الآن".
  • في بداية الحرب، كنت أعتقد أن تفكيك "حماس" في القطاع هو هدف أهم من إعادة الرهائن. حينها، كان السؤال عمّا إذا كان هذا الهدف واقعياً. ولم يكن لديّ الأدوات اللازمة للحسم في ذلك الوقت. الآن، يبدو أن هذا الهدف غير قابل للتطبيق في المستقبل المنظور. في هذه الظروف، من الأفضل الذهاب في اتجاه عكسي: إعادة جميع الرهائن الآن، ووقف الحرب. سيكون هذا صعباً لأن "حماس" ستعلن انتصارها، ولأن المصريين والسعوديين والأردنيين - الذين يشعرون بخيبة الأمل بأداء الجيش وحقيقة أننا لم نفكك "حماس"- سيتراجعون خطوة إلى الوراء.
  • وفي المقابل، إن نهاية الحرب لا تعني نهاية الصراع. لا يوجد ما يمنع إسرائيل من الحصول على الرهائن (الثمن صعب جداً، وهو إطلاق سراح أسرى تلطخت أياديهم بالدماء)، ووقف القتال، وتجديده بعد شهرين أو ثلاثة. يمكن التقدير، بحذر، أن هناك مَن يدعم هذا التوجه في "كابينيت الحرب"، بينهم غادي أيزنكوت وبني غانتس، ومن الممكن أرييه درعي أيضاً. وفي قيادة الجيش، هناك أصوات مفاجئة في الموضوع أيضاً.
  • سألت المسؤول الكبير، لماذا لا يجري هذا. فأجاب: إنها السياسة. قائلاً إن بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت سيفقدان مبرر وجودهما، بالإضافة إلى قائد هيئة الأركان الذي لا يريد أن يتم التعامل معه كمن يعترف بأنه لم يستطع أداء مهمة تفكيك "حماس".
  • صحيح، هذا ليس سهلاً؛ أولاً، "حماس" تطالب بانسحاب إسرائيلي من القطاع، وإسرائيل لا تستطيع منحها هذا. الحفاظ على منطقة أمنية عازلة أصبح حجر الزاوية من أجل عودة سكان الجنوب إلى منازلهم. نتنياهو أضاف إلى ذلك "البوابة الجنوبية" - مسار تسلُّح "حماس". لا يمكن أن تقبل "حماس" وجوداً ثابتاً كثيفاً للجيش كـ"نهاية القتال". يكفي أن نجري مفاوضات معها على هذا الأساس، حينها، سيلحق ضرراً سياسياً جسيماً بهذه الحكومة التي لا تتمتع بشعبية أصلاً.
  • لقد تغيرت الافتراضات الأساسية للحرب، إلى حد ما كلياً. الرهائن لم يعودوا عبئاً على الحكومة التي تريد إعادة الردع (والاحترام)، إنما أداة ضغط. ومن خلال إعادة الرهائن، يمكن لنتنياهو أن يبرر عدم الوصول إلى هدف تفكيك "حماس"، وبصورة خاصة بعد أن يضيف الوعد القائل "لم ننتهِ بعد".
  • الافتراض الثاني أنه لا يمكن الذهاب إلى انتخابات خلال الحرب. الآن، يبدو أن الحرب تحولت إلى حرب استنزاف، والانتخابات ضرورية. رئيس الحكومة لا يستطيع أن يقول كلمة جيدة بحق قائد هيئة الأركان، لديه خلافات مع وزير الدفاع، ويدير ميزانية سياسية، كما أنه يقوم بدعوة دافيد أمساليم إلى الكابينيت ويسمح له بالتهجم على قائد هيئة الأركان. لا يمكن أن تقاتل بوجود رئيس حكومة كهذا.
  • وحدها القيادة الجديدة يمكنها اتخاذ قرارات من دون الإخفاق المريع الذي حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر، واستئناف الحرب ضد "حماس"، بعد أن يسود الهدوء. الآن، المسار السياسي سيمنحنا المبرر لوقف القتال تحت شعار "هم فشلوا، سيأتي بعدهم مَن يصحح الوضع".
  • يمكن فرض الانتخابات فقط عبر احتجاجات جماهيرية، تكون أكبر من تلك التي جرت ضد الانقلاب الدستوري. مئات الآلاف سيعودون إلى الشوارع أمام منزل رئيس الحكومة، ويرفضون الخروج من الشوارع حتى ذهاب نتنياهو. كثُر أصابهم الجنون الآن، ويريدون الخروج إلى الشوارع. لكن على الرغم من صعوبة قول هذا، فإن الوقت لم يحِن بعد. ما دام الجيش لا يزال يخلق شعوراً بأن "حماس" ستنكسر بعد قليل، فإن الناس لن يخرجوا إلى الشوارع، كما أن غانتس وأيزنكوت لن يغادرا الحكومة. ومعهما حق في ذلك.