علينا أن ندرك أننا لن نتمكن من اجتثاث "حماس"
تاريخ المقال
فصول من كتاب دليل اسرائيل
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- كل مطّلع على حالة حروبنا في قطاع غزة ولديه عقل، يدرك ما يعرفه المستويان السياسي والأمني: لا يمكن خوض القتال في مخيمات اللاجئين في رفح، على امتداد حدود مصر مع القطاع، من دون الإضرار بالسكان الأبرياء القاطنين هناك. فهي المخيمات الأكثر كثافةً في الشرق الأوسط، وتضم الآن نحو مليونَي لاجئ فروا، في أغلبيتهم، من شمال القطاع إلى جنوبه، بتشجيع منا، ولا يمكن، وسط هذه الجموع الكثيفة، تمييز العنصر في "حماس" من غيره.
- تسيطر "حماس" بصورة كبيرة على السكان اللاجئين في مخيمات رفح، وعلى توفير الإمدادات (كالوقود والغذاء) الواردة من المساعدات الإنسانية، والأنفاق التي تقطع الحدود حتى سيناء، من تحت محور فيلاديلفي، والتي تتدفق عبرها الوسائل القتالية والذخائر ووسائل التصنيع، لـ"حماس" منذ أعوام طويلة.
- إن أي محاولة منا للسيطرة على مخيمات اللاجئين في رفح، ستؤدي إلى قتل جماعي للسكان غير الضالعين في القتال، ولن تسمح لنا الولايات المتحدة، أو العالم من خلفها، بالقيام بذلك، ولذلك، فإن إسرائيل لن تحصل على موافقة على المبادرة إلى مثل هذا التحرك.
- علاوةً على ما تقدّم: نحن لا نملك حتى اللحظة أي حل للأنفاق التي تمتد تحت محور فيلاديلفي (سيتطلب إغلاقها بناء جدار يمتد على مسافة 13 كيلومتراً، وعمق 40 متراً). إن بناء جدار داخل غزة غير ممكن لأن "حماس" لن تسمح بذلك، أمّا على الجانب المصري، فيمكن بناء الجدار تقنياً، لكن المصريين ما زالوا يرفضون الأمر.
- بناءً على كل ما سبق، يمكن لنا أن ندرك أن تحقيق هدف اجتثاث "حماس"، ليس هدفاً قابلاً للتحقق في الأفق المنظور. ليس هذا فحسب، بل إن فرص تحقيق هذا الهدف آخذة في الابتعاد بمرور كل يوم. إذا كانت هذه هي الحال التي ستؤول إليها الأمور أيضاً بعد أشهر طويلة، لا بل بعد أعوام، فما الفائدة إذاً من مواصلة القتال داخل خان يونس، وفي تحقيق أهداف تكتيكية لن تؤدي إلى تقويض "حماس"، أو القضاء على سلطتها؟
- دعونا نحاول التمعن فيما ستؤول إليه الأمور بعد ستة أشهر من اليوم، إذا واصلنا القتال في خان يونس ومخيمات وسط قطاع غزة، فسيسقط في صفوفنا مئات القتلى وآلاف الجرحى، بمعدل يتراوح ما بين قتيلين إلى أربعة في اليوم الواحد، فضلاً عن الجرحى الكثر، وضمنهم المصابون بجراح خطِرة. الاحتمالات، في أغلبيتها، هي أن "حماس" لن تُقتلع، وستواصل السيطرة على مخيمات رفح، وستكون لديها حرية الوصول إلى شمال القطاع ووسطه، عبر مئات الكيلومترات من الأنفاق التي نحتاج إلى سنوات لكي نتمكن من تدميرها، هذا في حال نجحنا في الأمر. منذ اليوم، يتجول عناصر "حماس" الخارجين من فوهات الأنفاق في مدينة غزة ومخيم جباليا اللذين قمنا باحتلالهما، وهم لا يزالون يقاتلوننا ويوزعون الغذاء على الغزّيين غير الضالعين في القتال، بقرار منهم هم. ونحن لن نتمكن من إعادة المخطوفين أحياء إلى منازلهم، بافتراض أن معظمهم لن يتمكن من البقاء في قيد الحياة نصف سنة أُخرى، في ظل ظروف احتجازهم الصعبة.
- لكي لا نصل إلى مثل هذا الوضع العبثي، علينا السعي لتغيير توجهاتنا: يجب علينا الخروج من خان يونس ومخيمات وسط غزة في المرحلة الثالثة من الحرب، أي منذ الآن، وعلينا محاصرة خان يونس من الخارج، كما قررنا أن نفعل في مدينة غزة. وعلينا أن نُغِير، متى استدعت الحاجة، بالطيران الحربي، لمهاجمة قوات "حماس" بطريقة دقيقة وجراحية، وبمساعدة المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، كي لا تتمكن "حماس" من رفع رأسها.
- ومنذ الآن، يجب أن نضع هدفاً أعلى لكل ذلك، هو هدف ما زلت مؤمناً بأنه قابل للتحقّق: هدف تحرير جميع المخطوفين، وعلينا أن نقطع شوطاً طويلاً لكي نتمكن من التوصل إلى تفاهمات مع "حماس" بشأن إطلاق سراح هؤلاء فوراً، حتى لو كان ثمن ذلك وقف القتال، لأننا إذا لم نفعل ذلك، فإننا سنعود من غزة بخفَي حنين.