العملية كانت مصدر فخر: عندما يريد نتنياهو، فإنه يعرف كيف "يتحمل المسؤولية"
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • عملية إنقاذ الرهينتَين لويس هار وفرناندو مرمان من الأسر في غزة ستحجز مكانها بين العمليات المشابهة التي نفّذتها إسرائيل خلال 76 عاماً. لقد تم التخطيط لها وتنفيذها بصورة مثالية، بدءاً من جمع المعلومات الاستخباراتية، وصولاً إلى العودة إلى البلد. شارك في الحملة المئات من الجنود وأجهزة الأمن في حلقات مختلفة، وعلى رأسهم القوة التي اقتحمت، وعرّضت حياة أفرادها للخطر من أجل شخصين لا يعرفونهما. بعد أكثر من شهرين من اليأس والاكتئاب، ومنذ انهيار صفقة التبادل الأولى في مراحلها الأخيرة، استطاع المجتمع في إسرائيل الحصول على بعض التشجيع.
  • الفضل والشكر أولاً لجميع المقاتلين والضباط في جميع الوحدات. مرة أُخرى، نشعر بالحزن إزاء الفجوة بين الإخفاق الاستخباراتي وعلى مستوى الوعي، والذي سبق المذبحة يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وبين ما حدث أمس. صحيح هناك شكر أيضاً للقيادة. رئيس الحكومة التقى أمس المقاتلين من وحدة "اليمام". وقال "قبل بضعة أيام، عرضوا أمامي العملية للموافقة عليها، فوافقت".
  • وفعلاً، يبدو أن نتنياهو يستطيع "تحمّل المسؤولية" عندما يريد. وإلى جانبه، وقف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي لم يُسمح له بالدخول إلى غرفة العمليات التي جلس فيها نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت والقيادة، ومن ضمنها المفتش العام للشرطة كوبي شبتاي، وحصل على جائزة ترضية. وهناك أيضاً، لم يغيّر بن غفير عادته، وحاول الحصول على مقابل سياسي، عندما طلب من نتنياهو عدم توقيع "صفقة غير مسؤولة".
  • عدم المسؤولية كما هو معروف، موجود في مكان آخر. فبعد نجاح العملية، قال المتحدث باسم "الليكود" غاي ليفي في تغريدة تبدو كتصفية حساب مع رؤساء أجهزة الأمن: "لم يكن هو (نتنياهو) مَن حصل على معلومات وتجاهل، ولم يكن هو مَن تجاهل تقارير المراقبات، ولم يكن هو مَن علم بسقوط بالونات المراقبة، ولم يكن هو مَن وصل إليه إنذار في تمام الساعة الرابعة فجراً، وعاد إلى النوم". هذه التغريدة مُسحت، ولتلافي الخطأ، هو يتحدث عن المزاج العام في ديوان رئيس الحكومة. فمنذ نهاية تشرين الأول/أكتوبر، يتم نشر هذه المضامين عبر الإعلاميين المقربين من نتنياهو في الإعلام، وفي وسائل التواصل، وفي الاستديوهات. وفي لحظة عدم انتباه، قالها مَن يقوم بصوغ ورقة المضامين علناً.
  • الجناح اليميني في الحكومة استغل نجاح العملية في رفح لمنع أي احتمال لصفقة تبادُل رهائن. كأن تحريرهم، جماعياً، سيتم منذ الآن، في عمليات كما في الأفلام، من دون أي أذى. بتسلئيل سموتريتش طلب من نتنياهو عدم إرسال وفد إلى القاهرة للقاء رئيس الـCIA  ورئيس حكومة قطر ووزير الاستخبارات المصرية. بما معناه، البصق مرة أُخرى في وجه الرئيس جو بايدن، الذي يعمل لمصلحة إعادة الرهائن، بعكس وزير المالية.
  • هذه الاتجاهات مُقلقة. سموتريتش وبن غفير يعلمان جيداً بأنه إذا كان هناك احتمال لإعادة عشرات الرهائن، على الأقل في المرحلة الأولى، فهذا سيتم فقط عبر صفقة. خلال الـ130 يوماً الماضية، تم تحرير 3 رهائن أحياء فقط في عمليات عسكرية، و108 إسرائيليين في صفقة. المعطيات لا تكذب. مَن يكذب هو هذا الذي ادّعى أن المناورة البرية في رفح وحدها والعمليات من هذا النوع، ستؤديان إلى تحرير بقية الرهائن. الحقيقة: كلاهما تحرّر من منطقة لا تسيطر إسرائيل عليها، وفي غفلة من الحراس.
  • بشكل عام، يفتتح نتنياهو مؤتمراته الصحافية باقتباسات من الجنود الذين سقطوا، وبمقولة "القتال حتى النصر الساحق". حتى الآن، لم يجد رسالة تضع حياة الرهائن قبل كل شيء. ربما في المرة المقبلة سيقتبس من ليرون وراكيفت إلدور، اللذين قُتل ابنهما مع صديقه ألون كلايمن. ففي وسط الألم، وبعد معرفتهما بالخسارة، طالبا برسالة تعكس رغبة ابنهما: "هذا هو الوقت لإعادتهم جميعاً، لا نستطيع تركهم". رسالة مشابهة تصدر عن مقاتلين آخرين قالوا "نحن هنا من أجل الرهائن".
  • لويس وفرناندو تحررا من أسر "حماس". عائلتاهما لم تعودا مع "عائلات الرهائن"، ولن تكونا عرضةً لحملات السموم التي تصدر من القناة 14، وفي شبكات التواصل، عبر حملة منظمة ومُقلقة، تحاول إلغاء النضال من أجل تحرير الرهائن، والحديث عنهم بصورة سيئة.
  • وإذا كنا نتحدث عن الأخبار السيئة: أمس، نُشر كلام قاسٍ صادر عن الرئيس بايدن في الإعلام الأميركي، موجّه إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية. إذ قال "يجعل حياتي كالجحيم"، وفيها يشكو الرئيس الأميركي من صعوبة التعامل مع نتنياهو ونكرانه الجميل، واصفاً إياه بعبارة asshole. وهو ما يضاف إلى ما قاله عنه الأسبوع الماضي bad fucking guy، وهو الذي وصفه سابقاً بـ"صديقي بيبي".
  • التاريخ سيذكر نتنياهو كرئيس الحكومة الأسوأ في تاريخ إسرائيل، الذي تسبب لها بالكوارث الثقيلة، لكنه سيُذكر أيضاً كرئيس الحكومة الوحيد الذي استطاع الحصول على إطراءات كهذه من كلّ رئيس أميركي عمل معه. من بيل كلينتون، مروراً بباراك أوباما، وصولاً إلى دونالد ترامب، والآن بايدن؛ جميعهم قالوا عنه ما قاله بايدن. الأزمة هي في القاعدة الشعبية لنتنياهو، حيث تؤثر هذه الشتائم بصورة عكسية.

 

 

المزيد ضمن العدد