المواجهة بين بايدن ونتنياهو كيف ستؤثر في التأييد الأميركي
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • في الأيام الأخيرة، تعمّقت الفجوات التي تفصل بين الرئيس الأميركي جو بايدن وبين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشأن استمرار القتال واستراتيجية "اليوم التالي للحرب". لقد تجلى هذا في كلام وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل، عندما قال إن الحدث اللاإنساني الذي شهدته إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر "لا يعطيها الحق في تكراره مع الآخرين". وجاء في كلام منسوب إلى جوناثان فاينر، المسؤول الرفيع المستوى في مجلس الأمن القومي، إن الإدارة الأميركية ارتكبت أخطاء في ردها على الحرب في غزة، ولم يعد لديها ثقة بالحكومة الإسرائيلية.
  • والظاهر أن هناك تصوراً لدى كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، وبينهم الرئيس، بأن رفض بنيامين نتنياهو القاطع للأفكار الأميركية بشأن "اليوم التالي للحرب" يعود إلى اعتبارات لها علاقة ببقائه السياسي والمحافظة على حكومته، وخصوصاً رفضه كل ما له علاقة بإشراك السلطة الفلسطينية في عمليات إعادة إعمار غزة، وبشأن رؤيا الدولتين. وفي رأيهم، أن هذا الموقف يمكن أن يؤدي إلى تضييع الفرصة التاريخية في التوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية، وإقامة حلف إقليمي بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة يشكل ثقلاً موازياً للمحور الراديكالي الذي تقوده إيران.
  • علاوةً على ذلك، تتخوف إدارة بايدن من أنه من دون تقديم أفق سياسي يشمل حل الدولتين، فإن دول الخليج ليست مستعدة لتوظيف موارد اقتصادية هائلة تقدَّر بمليارات الدولارات في إعادة إعمار غزة. والدليل على ذلك نجده في الكلام الأخير لوزير الخارجية السعودي، الذي قال إن التطبيع مع إسرائيل سيكون مرتبطاً بحل الدولتين.
  • الولايات المتحدة شريك كامل في النظرة الاستراتيجية بشأن الحاجة إلى إعادة المخطوفين والمخطوفات أحياء والقضاء على سلطة "حماس" في غزة. وفي الواقع، تُعتبر قضية المخطوفين، من وجهة نظر الإدارة، مفتاحاً لاستمرار الحرب. من جهة ثانية، من الواضح وجود فجوات عميقة بين بايدن ونتنياهو بشأن استمرار إدارة الحرب.
  • هناك مسألة أُخرى تتعلق بحجم المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى قطاع غزة، وثانية تتعلق باستمرار القتال. في نظر الإدارة في واشنطن، يتعين على إسرائيل السماح بدخول المساعدات بأحجام كبيرة بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة. كما تتخوف واشنطن من عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في رفح، حيث يقيم 1.4 مليون غزّي، بحسب التقديرات، ويمكن أن تُلحق ضرراً واسع النطاق بالسكان، هذا إلى جانب التداعيات السلبية المحتملة على العلاقات الثنائية بين إسرائيل وبين مصر ودول عربية أُخرى.
  • التقارير التي تحدثت عن النعوت القاسية التي استخدمها بايدن في كلامه عن نتنياهو (والتي تتعارض مع البروتوكول)، والطلب غير المسبوق لوزير الخارجية بلينكن، الاجتماع برئيس الأركان وحده، يعكس عدم ثقة الإدارة الأميركية برئيس الحكومة. دليل آخر على العلاقات المتوترة بين بايدن ونتنياهو، هو أنه بعكس الأشهر الأولى من الحرب، حين كان الاثنان يتحدثان بوتيرة دائمة، فإنهما الآن يتحدثان مرة كل بضعة أسابيع.
  • منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، تقدّم الإدارة الأميركية مظلة حديدية سياسية، وأمنية وعسكرية وردعية. وهي بذلك تؤكد التزام إدارة بايدن العميق بأمن إسرائيل، وبحسب قول بايدن "لستَ بحاجة إلى أن تكون يهودياً لكي تكون صهيونياً".
  • كما رفض بايدن كل الضغوط الداخلية، سواء من جانب أطراف في الإدارة، أو من أوساط داخل الحزب الديمقراطي، من أجل تغيير التأييد المطلق الذي يمنحه لإسرائيل، وتوجيه انتقادات علنية واضحة ضد رئيس الحكومة. هذا على الرغم من استطلاعات الرأي التي تشير إلى احتمال تضرُّر التأييد له في الانتخابات الرئاسية، وخصوصاً وسط الشباب وأفراد الجاليات المسلمة.
  • تقف إسرائيل على مفترق طرق، إمّا القوة، وإمّا الضعف الاستراتيجي. وإزاء إدراك عدم وجود بديل من التأييد الأميركي المتعدد الأبعاد، نوصي رئيس الحكومة بدرس العمليات الإقليمية التي تقترحها إدارة بايدن، بصورة إيجابية. والمقصود عمليات بعيدة المدى تملك إسرائيل قدرة كبيرة على التأثير فيها.
  • هذه العمليات قد تسمح لإسرائيل بهامش من العمل والحصول على تأييد دولي وعربي لاستمرار الحرب في غزة، وتغيير الواقع الأمني في الشمال في مواجهة حزب الله، وبلورة خطة استراتيجية شاملة في مواجهة التهديد الإيراني المتعاظم. من جهة أُخرى، إن فشل العمليات التي يقودها الرئيس بايدن يمكن أن يؤذي منظومة العلاقات مع الإدارة الأميركية، ومع دول معسكر السلام العربي، وهو ما سيؤدي إلى تآكل قوة إسرائيل الاستراتيجية.
 

المزيد ضمن العدد