الواقع في الشمال لن يعود إلى ما كان عليه، وإسرائيل تنتظر ذريعة من حزب الله
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • سجّل الجيش الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة إنجازات عملانية وتكتيكية مهمة في الشمال. والثمن الذي يدفعه حزب الله حطم كل التوقعات، ومن المحتمل أنه يستنزفه. في المقابل، سجّل حزب الله إنجازاً استراتيجياً جرّاء إجلاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين عن منازلهم. بيْد أن الواقع في الشمال لن يعود إلى ما كان عليه قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر.
  • قبل كل شيء، يجب تحديد الأهداف: عودة كل السكان، وإعادة إعمار ما دُمّر، وإزالة تهديد غزو تقوم به قوات الرضوان. بكلمات أُخرى، عدم تكرار "فظائع" 7 أكتوبر. ما من وهم حيال اختفاء تهديد وقوع غزو واسع النطاق، لكن يتعين على الجيش الإسرائيلي مواجهته بدقة، مثلما فعل منذ قيام إسرائيل.
  • كذلك، يجب التوضيح أنه حتى عندما نصل إلى الوضع النهائي المطلوب، سنبقى تحت تهديد نيران حزب الله للجبهة الداخلية. وهذا يشمل عشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف المدفعية. في نقطة معينة، ستضطر إسرائيل إلى التحرك سياسياً، أو عسكرياً، لكن في الوقت الذي يلائمها، وفي إطار خدعة تمنحها تفوقاً كبيراً. وعملياً، من المحتمل أن يقدم لنا حزب الله الذريعة للقيام بذلك قريباً.
  • إن إزالة تهديد وقوع اقتحام، هو الذي سيعيد كل السكان، وسيؤدي إلى إعادة إعمار ما دُمّر في الشمال، وسيحسّن التوازن الأمني بصورة كبيرة. وهذا سيتجلى من خلال 4 أطر: 1- الدفاع عن سكان الشمال الذي تحسن وضعه، ومن المحتمل استمرار وجود عدد كبير من القوات للدفاع عن المستوطنات. 2- إخراج قوة الرضوان من المنطقة المحاذية للحدود، كشرط أساسي للوضع الجديد. 3- انتقال إسرائيل من سياسة الاحتواء إلى العمليات الاستباقية في مواجهة حزب الله في لبنان، وكسر الحاجز النفسي الذي قيّد إسرائيل في الماضي. 4- صور العمليات العنيفة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في غزة يتردد صداها في العالم العربي، وهي تثير مخاوف الجمهور اللبناني من أن تكون بيروت هي التالية، صحيح أنه من الصعب قياس عامل الردع، لكن لا يمكن تجاهُله.

صراع الإرادات

  • الحرب على الجبهة الشمالية هي صراع يدور بين إرادتَين متعارضتَين: رغبة إيران وحزب الله في خلق جبهة مقاومة مع "حماس"، وفي المقابل، المحافظة على قوة حزب الله من أجل استخدامها في مهمات مستقبلية تخدم إيران؛ وفي المقابل، إرادة إسرائيل التفريق بين "حماس" وبين المحور الشيعي، والتخلص من خطر حدوث اقتحام من جانب حزب الله.
  • إلى أين نتوجه من هنا، وماذا سيجري إذا جرى التوصل إلى هدنة في الجنوب، بعد التوصل إلى اتفاق بشأن تبادُل المخطوفين؟ من المعقول الافتراض أن حزب الله سيوقف إطلاق النار، كما فعل في الهدنة الماضية. في مثل هذه الحال، إن مصلحة إسرائيل هي عكس مصلحة حزب الله، ويتعين عليها الاستمرار في سياسة استخدام القوة والعمليات الاستباقية والهجمات. وذلك من أجل سببَين مركزيَين: أولاً، تحقيق أهداف إسرائيل - التفريق بين الجبهات والاستمرار في محاربة قدرة قوة الرضوان على القيام باقتحام. ثانياً، وهو الأهم، بعد عودة السكان إلى الحدود الشمالية، يجب على إسرائيل أن تضمن عدم تعرّضهم لإطلاق النار إذا تجدد القتال في غزة. وفي الواقع، من غير الممكن إجلاء سكان الشمال في كل مرة يقع فيها احتكاك في غزة، ناهيك عن إذا كنا ننوي الاستمرار في تحمُّل المسؤولية الأمنية في غزة، أي أن نعمل هناك، عملياً، كما نعمل في الضفة الغربية في كل ليلة.
  • استمرار إطلاق النار في الشمال، بعكس الهدوء في الهدنة السابقة في الجنوب، سيؤكد الإصرار على كسر توقعات نصر الله وثقته بنفسه. إن نقطة الضعف الرئيسية في استمرار إطلاق النار، في نظر حزب الله وكثيرين في العالم، هي أن ضربة استباقية هجومية إسرائيلية يمكن أن تتصاعد إلى حرب شاملة، وتعرّض الشرعية ودعم الولايات المتحدة للخطر. لذلك، يجب إعداد خطوات سياسية منذ الآن، والتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية.
  • اندلاع حرب شاملة في الشمال ليس قدراً محتوماً. مع ذلك، يمكن أن يتدهور الوضع إلى ذلك، على الرغم من أن الطرفين لا يريدان ذلك. بالنسبة إلى إسرائيل، التصعيد الإضافي هو سيناريو غير سلبي بالضرورة. فهي بذلك ستسرّع في إزالة تهديد صواريخ حزب الله وقذائفه، وستضمن دعماً أميركياً، وسيجري ذلك عندما يصبح القتال في غزة أقل شدةً، الأمر الذي سيسمح بالتركيز على الشمال بصورة أفضل.
  • عندما تتمكن إسرائيل من بلورة واقع جديد في الشمال، يمكن الحديث عن تطبيق القرار 1701. بعد حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، اتُّخذ قرار أن تكون المنطقة الواقعة جنوبي الليطاني منزوعة السلاح، وخاضعة لقوات اليونيفيل. لم ينفّذ حزب الله القرار، وإذا أصرّ لبنان على مناقشة النقاط المختلف عليها على الحدود، يجب على إسرائيل أن تشترط ذلك بالتطبيق الكامل للقرار.
  • في الختام، يجب خفض التوقعات. فمن المتوقع أن تستمر هذه العملية وقتاً طويلاً، ستنقل خلاله إسرائيل مركز الثقل من غزة، وتقوم بعملية مكثفة في الشمال، من دون الوصول إلى عتبة الحرب الشاملة، وبعدها فقط تستطيع التوصل إلى ترتيبات أمنية محسّنة...
 

المزيد ضمن العدد