• وصلت حرب "السيوف الحديدية" في هذه الأيام في كل الساحات إلى منعطف حاسم، يفرض على صنّاع القرار في إسرائيل بلورة خطة استراتيجية لإنهائها. وبين أعضاء الكابينيت المصغر، هناك خطتان بدأتا بالتبلور، ويمكنهما تحقيق أهداف القتال، في معظمها، أو كلها، خلال جدول زمني يكون مقبولاً من الإسرائيليين والأميركيين وحلفائهم. الخطة الأولى هي خطة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وموفده الوزير رون ديرمر، والثانية هي خطة الوزيرين بني غانتس وغادي أيزنكوت.
• ليس هناك فروق كبيرة بين الخطتين، باستثناء الجدول الزمني، وحقيقة أن غانتس وأيزنكوت مستعدان للكشف عن خطتهما ومناقشتها في الكابينيت، بينما يتخوف نتنياهو من ردات فعل شركائه في الائتلاف على بنود معينة في خطته، ولذلك، هو غير مستعد لمناقشة ذلك، حتى في الكابينيت المصغر. بينما يُجري مفاوضات بشأن خطته، سراً، مع كبار المسؤولين في إدارة بايدن، من خلال ديرمر.
• الخطة الاستراتيجية التي يقترحها غانتس وأيزنكوت، من المفترض أن تحقق نصراً على مراحل، بينها هدنة طويلة الأمد من أجل صفقة المخطوفين. وهي تعطي الأولوية لتحرير الرهائن، لكنها لا تتخلى عن تفكيك قدرات "حماس" العسكرية والسلطوية، وعن تحقيق الأمن لسكان الجليل. لذا، هما يرفضان، بوضوح، المطالبة بالالتزام بوقف شامل للحرب، ولا يقبلان صفقة بأي ثمن.
• هناك هدف آخر للخطة، هو المحافظة على الشرعية والمساعدة العسكرية والسياسية من الإدارة الأميركية وتعزيزها... الإعلان الإسرائيلي بشأن هدنة طويلة الأمد للقتال من أجل تنفيذ صفقة المخطوفين، سيخفف كثيراً من الضغط الداخلي والخارجي على بايدن. وفي إمكان الرئيس الأميركي الادعاء أنه حقق وقفاً لإطلاق النار، ولو بصورة موقتة، ويمكن أن يستمر حتى حزيران/يونيو (أي قبل 5 أشهر من الانتخابات الرئاسية).

...

• ومن اجل تطبيق الخطة الاستراتيجية لغانتس وأيزنكوت، يتعين على إسرائيل القيام بالخطوات التالية:

1. إبداء مرونة قصوى في المفاوضات المكثفة بشأن تفاصيل ومراحل صفقة تحرير المخطوفين، بحيث تُنفّذ وفق مخطط باريس الذي توصل إليه الوسطاء مع إسرائيل. يعترف غانتس وأيزنكوت بأهمية الدخول العسكري إلى رفح، لكن بالنسبة إليهما، يمكن أن يجري هذا بعد الهدنة وتحرير المخطوفين.
2. إدخال مساعدات مدنية إلى القطاع مباشرة من إسرائيل بواسطة المنظمات الدولية، باستثناء الأونروا.
3. البدء بخطوات لإقامة سلطة مدنية في القطاع حتى لو لم يُطرد السنوار وقادة "حماس" منها، ومع العلم بأنهم موجودون في رفح مع المخطوفين الذين يستخدمونهم كدروع بشرية.
4.  أن تستكمل إسرائيل مفاوضاتها مع مصر لمنع تسلل اللاجئين من غزة إلى أراضي سيناء، عندما يدخل الجيش الإسرائيلي براً إلى رفح، ومنع تهريب السلاح من تحت محور فيلاديلفي بواسطة عائق فوق الأرض وآخر تحت الأرض.

• كما يقترح غانتس وأيزنكوت البدء بتنفيذ الخطة السياسية الأميركية لليوم التالي:

1. تطبيع العلاقات مع السعودية، بعد تقديم تعهدات إسرائيلية غامضة بشأن الدخول في حوار سياسي...
2. ضمن إطار التطبيع مع السعودية، يوقَّع اتفاق بشأن تمويل إعادة إعمار غزة.
3. الاستمرار في إقامة منطقة أمنية عازلة في القطاع، عرضها 1000-1200 متر، تكون خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، مع وجود دائم، أو متحرك.
4. إجراء مفاوضات دبلوماسية في الشمال تُبعد حزب الله مسافة 8-10 كلم عن الحدود.
5. تحتفظ إسرائيل لنفسها بحق العمل والدفاع عن أمنها وأمن مواطنيها من خلال نشاطات استخباراتية وعملانية وعمليات إحباط، يقوم بها الجيش والشاباك في داخل القطاع في أي وقت.

نتنياهو يراهن على الحسم العسكري

• يأمل نتنياهو وغالانت بتحقيق الحسم العسكري المطلق على "حماس"، والقضاء على السنوار وقيادة الحركة في غزة، أو تحييدهما، من خلال السيطرة على رفح، قبل شهر رمضان، أو خلاله. وهما يعتقدان أن الدخول إلى رفح، إذا لم يؤد فوراً إلى القضاء على السنوار، فسيجعل قيادة "حماس" أكثر ليونةً، ويسمح بصفقة "معقولة" لتحرير المخطوفين. كما سيسمح باتخاذ القرارات بشأن اليوم التالي من موقع قوة، وكذلك بشأن محور فيلاديلفي والجبهة الشمالية.
• بكلمات بسيطة: نتنياهو يراهن على الحسم العسكري من أجل تحقيق أهداف الحرب، من دون أن يضطر إلى التنازل والتصادم مع شركائه في الائتلاف بشأن ثمن تحرير المخطوفين. لذلك، هو يحثّ رئيس الأركان على الانتهاء من تفكيك "حماس" في خان يونس، والبدء بالسيطرة على رفح. لكن رئيس الأركان بحاجة إلى وقت لاستكمال العمل في خان يونس، وإلى بضعة أسابيع من أجل خطة لإجلاء أكثر من مليون نازح من هناك، بالإضافة إلى الحاجة إلى الاتفاق مع مصر.
• لذلك، يحاول نتنياهو المماطلة بقدر الممكن. وهو يتخوف من ردة فعل شركائه على المطالب التي قدمتها الإدارة الأميركية (صفقة إقليمية، في مقابلها، تحصل إسرائيل على التطبيع مع السعودية، وهو ما يسمح لواشنطن بإقامة جبهة إقليمية تقف ضد المحور الشيعي بزعامة إيران). لكن المطالبة السعودية بإعلان إسرائيل استعدادها للموافقة على إجراء مفاوضات بشأن إقامة دولة فلسطينية، لا يمكن أن يقبلها إيتمار بن غفير وسموتريتش. لذلك، لا يعرض نتنياهو خطته على الكابينيت، ولا على الجمهور.
• هو سينتظر الربيع المقبل حين تكون صفقة المخطوفين في ذروتها. قبل هذا الموعد، من المفترض أن تنتهي المرحلة الثالثة من القتال الكثيف في غزة والانتقال إلى المرحلة الرابعة - سيطرة أمنية على القطاع من داخل الأراضي الإسرائيلية، ومن داخل "المنطقة الآمنة"، وهو ما يشكل انتهاء الحرب في الجنوب، عملياً.
• وبحسب هذا التوقع المشترك لكلّ من نتنياهو وواشنطن، في ذلك الوقت، سيكون الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين حقق تقدماً مهماً في التسوية الدبلوماسية التي ستُبعد حزب الله عن الحدود، وتمنع حرباً محدودة في لبنان. هذه هي خطة إسرائيل لإنهاء حرب "السيوف الحديدية".