احتلال رفح الآن
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • الحرب من أجل تفكيك قدرات "حماس" العسكرية والسياسية في القطاع وصلت إلى منعطف حاسم ومهم في رفح، وليست هذه هي المعركة الأخيرة في الحرب التي ستستمر بصورة متفاوتة الشدة، لكن رفح هي منعطف جوهري فيها؛ فهي المعقل الأخير الذي تسيطر عليه "حماس"، والذي نُقل إليه المخطوفون، وهي الشريان الذي يربط القطاع بالعالم الإسلامي، وخصوصاً بإيران.
  • وثمة سؤال مهم: "لماذا لم نعالج مسألة رفح إلى الآن؟ وماذا كانت الخطة عندما دفعنا إلى هذه المنطقة، وإلى منطقة المواصي، مئات الآلاف من الفلسطينيين من شمال القطاع ووسطه، وحتى من خان يونس؟ ألم يكن يعرف المخططون أنه من دون رفح لن تتحقق أهداف الحرب؟" إن تجميع السكان يُستخدم الآن لمنع العملية هناك، وهذه هي الذريعة التي يستخدمها الأميركيون للمطالبة بوقف الحرب، لكن هذا سيحبط تحقيق كل أهداف إسرائيل، التي ستتحول إلى بطة عرجاء يحاول الآخرون النيل منها.
  • لا نعرف كيف ينوي رئيس الأركان ورجاله التغلب على هذه العقبة عندما يقومون بتنفيذ أوامر الحكومة باحتلال رفح وتنظيفها. إلى أين يخططون توجيه السكان غير الضالعين في القتال؟ ولا نعلم كيف سيواجهون خبرة "حماس" في منع إجلاء السكان من ساحة المعارك، كي تواصل الاحتماء بالأولاد والنساء والمسنين وغير المقاتلين، وتعريض أبناء شعبهم للخطر، والذين أغلبيتهم من المؤيدين لها. في جميع الأحوال، يجب على قادة الجيش ألاّ يتهربوا من مواجهة هذه الصعوبة والامتناع من القيام بعملية في رفح، لأنها نقطة حتمية من أجل إنجاز المهمة الأساسية التي أوكلتها إليهم الحكومة؛ أي تفكيك قدرات "حماس" العسكرية والسياسية.
  • بالإضافة إلى الصعوبة العملانية والأخلاقية إزاء كيفية التعامل مع الكثافة السكانية، وهي صعوبة يجب التغلب عليها من دون أن نخسر إنسانيتنا كما الأمر بالنسبة إلى أعدائنا "المتوحشين"، فإن احتلال رفح يمثّل عقبة في طريق الدبلوماسية الأميركية.
  • لا تزال إدارة بايدن أسيرة فكرياً للعقيدة التي تركها وراءه رابين وبيرس ومَن خَلَفَهما، والتي تقول إن قيام الدولة العربية سيكون الحل الصحيح للانتفاضة الثانية و"الأهوال" في غزة. وهذه الدولة ستكون لها أطول حدود مع العالم الإسلامي، وستجلب إيران إلى المناطق التي تسيطر عليها بالقرب من دولة إسرائيل وتجمعاتها السكانية. هناك شيء لم تتعلمه إدارة بايدن ومؤيدوها، الذين يتضاءل عددهم في إسرائيل، وشيء آخر لم تنسه. لم تتعلم من الانتفاضات، ومن 7 تشرين الأول/أكتوبر، أن المجتمع العربي في البلد تنمو منه مجدداً "وحوش إرهابية"، كحركتَي "حماس" و"فتح"، ولم تنس رؤية الدولتَين التي عفا عنها الزمن، والتي يرفضها اليوم أغلبية المواطنين الإسرائيليين، وترى فيها مخططاً لتدمير دولة اليهود.
  • وفي الواقع، فإن احتلال رفح سيقلّص قدرة "حماس" على إحباط الخطة، لكن التقارير تتحدث عن عزم حركة "فتح"، بزعامة محمود عباس، ضم "حماس" إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل نوع من حكومة "تكنوقراط" تستمد صلاحيتها من منظمة التحرير الفلسطينية. وهذه ستكون مقبولة من الأميركيين بأنها "سلطة فلسطينية محدثة"، لكنها عملياً تستمد صلاحياتها من منظمة التحرير المؤلفة من "فتح" و"حماس". وإذا كان الأميركيون شركاء فعلاً في هذا الحل، ويبحثونه مع عباس، إذاً، فقد أصبح واضحاً لماذا يحاولون إفشال احتلال رفح.
  • إن إفشال هذه الخطة يبدأ بمناورة سياسية عسكرية لاحتلال رفح، ولقد سبق وواجهت إسرائيل خططاً خطِرة أميركية، كانتزاع جنوب النقب منها في الخمسينيات، أو تحييد مفاعل ديمونا في الستينيات؛ إذ اضطررنا حينها إلى تعطيل الاستراتيجيا الأميركية، وتمسكنا بموقفنا. والآن، علينا في رفح البدء في مواجهة خطة الولايات المتحدة.