قلّل قادة في حركة "حماس" أمس (الثلاثاء) من أهمية التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي جو بايدن، وأشار فيها إلى أن إسرائيل والحركة تقتربان من التوصل إلى اتفاق من شأنه وقف القتال في غزة، والسماح بإطلاق سراح المخطوفين، في وقت أشار مسؤولون كبار في إسرائيل وقطر إلى أنه لم يتم تحقيق انفراج كبير في هذا الشأن حتى الآن.
وتزامنت تصريحات بايدن، التي أدلى بها أول أمس (الاثنين) وذكر في سياقها أن الجانبين [إسرائيل و"حماس"] باتا متقاربَين، ويمكنهما توقيع اتفاق بحلول يوم 4 آذار/مارس المقبل، مع تقارير أشارت إلى أن إسرائيل و"حماس" تتجهان نحو اتفاق يمكن أن يؤدي إلى وقف الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في قطاع غزة مدة 40 يوماً وإطلاق الحركة سراح 40 مخطوفاً في مقابل الإفراج عن 400 أسير فلسطيني. ووفقاً لأحد التقارير، تدرس إسرائيل أيضاً إطلاق سراح أسرى فلسطينيين مُدانين بجرائم أمنية خطِرة في مقابل إطلاق سراح جنديات تم اختطافهن في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
لكن مسؤولاً رفيع المستوى في "حماس" وصف تصريح بايدن بأنه سابق لأوانه، ولا يعكس الوضع على الأرض. وقال هذا المسؤول لوكالة "رويترز" للأنباء أمس، إنه لا يزال هناك فجوات كبيرة يتعيّن جَسرها، وأكد أن القضايا الأساسية والرئيسية المتعلقة بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية غير مذكورة بصورة واضحة، وهو ما يؤخر التوصل إلى اتفاق.
وقال مسؤولون إسرائيليون كبار إن تصريحات بايدن جاءت مفاجئة، وأكدوا أنها لم تتم بالتنسيق مع القيادة الإسرائيلية.
وقال الناطق بلسان وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن الدوحة لا يمكنها التعليق على تصريحات بايدن، مضيفاً أنه لم يتم تحقيق تقدُّم في المحادثات، على الرغم من أن قطر تضغط بقوة من أجل الاتفاق الذي تم وضعه في باريس، لكنه في الوقت عينه، أكد أن قطر متفائلة بشأن محادثات الوساطة المتعلقة بغزة.
ولا تزال المفاوضات جارية في الدوحة، بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر. وقال مصدر رفيع المستوى قريب من المحادثات لـ"رويترز" إن مسودة الاقتراح التي تم إرسالها إلى حركة "حماس" تتضمن هدنة مدتها 40 يوماً، تطلق الحركة خلالها نحو 40 مخطوفاً، بمن فيهم النساء، ومَن هم دون الـ 19 عاماً، أو أكثر من 50 عاماً، والمرضى، في مقابل الإفراج عن 400 أسير أمني فلسطيني بنسبة 10 إلى 1. وبموجب شروط الاقتراح، ستوقف إسرائيل عمليات الاستطلاع الجوي فوق قطاع غزة مدة 8 ساعات يومياً، وستلتزم السماح لـ500 شاحنة من المساعدات الإنسانية بالدخول إلى القطاع يومياً، وتسمح بدخول المعدات والوقود لإعادة تأهيل المستشفيات والمخابز. كما ستسمح إسرائيل بدخول الآلات الثقيلة والمعدات والوقود لإزالة الأنقاض والمساعدة في الأغراض الإنسانية الأُخرى، في حين ستتعهد "حماس" عدم استخدام هذه الآلات والمعدات لتهديد إسرائيل. وستعيد إسرائيل أيضاً نشر قواتها بعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان، وستسمح للسكان المدنيين بالعودة إلى شمال غزة، لكن ليس للرجال في سن القتال.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن إسرائيل تدرس أيضاً الموافقة على إطلاق سراح 15 أسيراً فلسطينياً من المدانين بهجمات خطِرة، في مقابل إطلاق 5 جنديات.
وقال مسؤولون إسرائيليون رفضوا الكشف عن هوياتهم إن إسرائيل تريد التوصل إلى اتفاق على الفور، لكن "حماس" تواصل الدفع قدماً بمطالب مبالَغ فيها. وأضافوا أن إسرائيل تصرّ على أن تكون الجنديات جزءاً من المجموعة الأولى من المخطوفين الذين سيتم إطلاقهم بموجب أي اتفاق هدنة.
وكان الرئيس الأميركي بايدن شارك أول أمس في برنامج "ليت نايت ويذ سيث مايرز"، وقال في أثناء ظهوره مع الفنان الكوميدي سيث مايرز في محل لبيع البوظة في نيويورك، إنه يأمل بأن يبدأ وقف إطلاق النار في غضون أيام. وعندما سُئل متى يتوقع أن يبدأ وقف إطلاق النار قال: "حسناً، آمل أن يكون ذلك بحلول نهاية الأسبوع. بلّغني مستشار الأمن القومي أننا قريبون. لكن لم ننتهِ بعد. آمل أن نتوصل إلى وقف لإطلاق النار بحلول يوم الاثنين المقبل. لقد اقترب شهر رمضان، وكان هناك موافقة من الإسرائيليين على عدم المشاركة في أي نشاطات خلال شهر رمضان، أيضاً من أجل منحنا الوقت لإخراج جميع المخطوفين".
بايدن الذي أبدى دعماً قوياً لإسرائيل طوال مدة الحرب، ترك الباب مفتوحاً أمام شنّ هجوم برّي إسرائيلي على مدينة رفح في جنوب غزة ومنطقة الحدود مع مصر، حيث لجأ أكثر من نصف سكان القطاع، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، بموجب أوامر إخلاء إسرائيلية.
وقال بايدن إنه يعتقد أن إسرائيل بطّأت قصفها لرفح. وأضاف: "عليهم أن يفعلوا ذلك، لقد تعهدوا لي أنهم سيتأكدون من القدرة على إخلاء أجزاء كبيرة من رفح قبل البدء بالتخلص مما تبقى من ’حماس’. لكن هذه العملية مستمرة".
تجدر الإشارة إلى أن احتمال اجتياح رفح يثير قلقاً عالمياً بشأن مصير السكان المدنيين المحاصرين هناك. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عدة مرات إن العملية البرية في رفح هي عنصر لا مفرّ منه في استراتيجيا إسرائيل لسحق حركة "حماس". وطرح الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع خططاً عملياتية للهجوم، بغية الحصول على موافقة الحكومة، إلى جانب خطط إخلاء للمدنيين هناك.