الجمهور الإسرائيلي، مثل نتنياهو، يريد استمرار الحرب
تاريخ المقال
المواضيع
فصول من كتاب دليل اسرائيل
مهند مصطفى
أسامة حلبي, موسى أبو رمضان
أنطوان شلحت
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- الانتقادات التي توجّهها عائلات المخطوفين إلى نتنياهو وحكومته، والتي تطالب بإتمام الصفقة، تركز على حجة أن الحكومة ورئيسها يريدان استمرار الحرب والتضحية بالمخطوفين. لكن الجزء الأول من هذه الحجة، المتعلق باستمرار الحرب، لا يقتصر فقط على نتنياهو والكهانيين في حكومته، بل هو موقف الجمهور الإسرائيلي.
- حركة الاحتجاج التي تطالب بإعادة المخطوفين، تتناول فقط مسـألة تحريرهم بأيّ ثمن. وكل ما عدا ذلك لا يهمها. لا يهمها أن تبقى غزة مدمرة، ولا ما سيجري في "اليوم التالي للحرب". الغضب، أو الأيديولوجيا، يمنعان أغلبية الجمهور الإسرائيلي من التفكير، ومن الحديث عن تسوية سياسية بعد الحرب. وكل هذا يتناقض مع حرب الـ 1967، حين كان قسم كبير من الجمهور الإسرائيلي يعتبر المناطق [المحتلة] وديعة من أجل إجراء مفاوضات - مناطق في مقابل السلام. لقد تسللت هذه الصيغة إلى أوساط الفصائل الفلسطينية وقادة منظمة التحرير آنذاك، وهكذا نشأت فكرة الدولتَين.
- بعد حرب "يوم الغفران" [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]، تغيّر التوجه: توصلت إسرائيل إلى تسوية مع مصر، واسترجعت سيناء كلها، لكنها في المقابل، أجهضت حلّ الدولتين من خلال تعزيز المشروع الاستيطاني. وعندما غاص شارون في "الوحل اللبناني" في سنة 1982، كان لديه هدف سياسي: تصفية القضية الفلسطينية.
- الوقائع صدمتنا كلنا. أنهار من الدم تدفقت، وفرص ضاعت، والفلسطينيون لم يذهبوا إلى أيّ مكان. وبرزت مكان منظمة التحرير حركتا "حماس" والجهاد الإسلامي، وعلى الرغم من حديث رئيس منظمة التحرير محمود عباس عن السلام منذ 30 عاماً، فإن القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية تحظيان بالاهتمام نفسه الذي يحظى به فرع الهستدروت للعمال في غفعات شموئيل.
- اليوم، وبعد 7 أشهر على السبت "المريع" الذي أعاد فرز الأوراق، تقف إسرائيل في مواجهة السؤال عينه. المشكلة ليست في "حماس"، بل في استمرار عدم رؤيتنا الفيل في الغرفة.
- يتعين على أهالي المخطوفين والجمهور الإسرائيلي العاقل قراءة الواقع، بعيداً عن مشاعر الغضب والانتقام. بعد أشهر من الحرب، معبر رفح في يدنا، وتم قصف مجمّع الشفاء، لا يوجد مخطوفون، ولا نصر، ولم نقضِ على "حماس". يوجد فقط دمار وإحباط ودماء. إذا أردنا استعادة المخطوفين، فيجب أن ندعو إلى إنهاء الحرب وتبنّي مبادرة سياسية. ويجب على بني غانتس ويائير لبيد التوقف عن الخوف من وصمهم باليسارية، وأن يقولا هذا الكلام لأنه لا يوجد خيار آخر.
- طبعاً، بحسب وجهة النظر الإسرائيلية، التسوية السياسية هي أمر صعب الاستيعاب، لكن نتنياهو و"حماس" يواجهان المعادلة عينها. في إمكان رئيس الحكومة النظر مباشرةً إلى أهالي المخطوفين والجمهور الإسرائيلي لأن هؤلاء، شأنهم شأن نتنياهو، لا يسعون لتسوية، بل يريدون استمرار السيطرة على الشعب الفلسطيني. وعلى حساب حياة المخطوفين، منعنا التسوية، وعاقبنا "حماس"، وسنواصل السيطرة على الفلسطينيين، وهذا يستحق التضحية. "حماس" أيضاً تدفع ثمناً باهظاً من خلال عشرات الآلاف من القتلى وآلاف المفقودين وبلد مدمر يتطلب عشرات الأعوام من أجل إعادة بنائه من جديد.
- لكن إذا استطاع الشعب الفلسطيني رؤية أفق في نهاية الحرب، فإن هذا يستحق التضحية في مفهوم نضال الشعوب من أجل الحرية. ومن أجل تحقيق ذلك، يجب على "حماس" التخلي عن سلاحها، وعن أيديولوجيتها. هذه هي المعادلة. ومن دون ذلك، ليس هناك فرصة في تحرير مخطوفين، أو أسرى، أو في أفق سياسي. فقط مزيد من سفك الدماء والحداد والدموع.